التفسير التآمرى لعودة شفيق
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 16 يونيو 2015 - 9:45 ص
بتوقيت القاهرة
أغلب ظنى أن الفريق أحمد شفيق سوف يعود قريبا جدا لمصر، فالضجة التى لاحقته منذ عدة أسابيع كانت صاخبة أثارت الشك لدى الكثيرين، بأن هناك شيئا ما غامضا يتعلق بمستقبله السياسى، بداية من تحذير الدولة له بأن «ينسى ويتلم»، مرورا بمنع إذاعة حواره الذى أجراه فى حلقتين مع الزميل عبدالرحيم على، نهاية بالحوار الساخن الذى أجراه مع عمرو أديب وخالد أبوبكر، والذى انتهى بدعوتهما الحارة له للعودة إلى مصر..!
طبقا لنظرية المؤامرة، فإن هذا الهجوم الضارى على شفيق، ثم الترحيب المبالغ فيه بعودته، كان مجرد توزيع أدوار، يستهدف فى المقام الأول والأخير إعداد المسرح السياسى لاستقباله بما يليق بالدور المهم الذى ينتظر أن يلعبه، خاصة أن شفيق نفسه أكد بوضوح تام لعماد أديب بأن استقالته من رئاسة حزب الحركة الوطنية، لا يعنى إطلاقا اعتزاله العمل السياسى، بل إنه أكد أن ممارسة العمل السياسى حق لكل مصرى لا يستطيع أحد أن يسلبه منه، مشددا أيضا على أن حزبه كان مؤيدا ومشاركا فى ثورة يونيو، وداعما للرئيس السيسى خلال حملته الانتخابية، وأنه هو شخصيا لن يحاول إثارة الجدل حول أحقيته بالرئاسة بعد تأكيده خلال هذا اللقاء التليفزيونى بأن مرسى فاز عليه بالتزوير، وأن جهات ما فى الدولة وراء إعلان خسارته الانتخابات، لأهداف لم يوضحها الفريق.
عودة شفيق تضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد، فهى أولا تنزع الشرعية عن رئاسة مرسى لمصر، وتحوله من رئيس سابق إلى رئيس غير شرعى، وتنزع عن التنظيم أى دعاوى قانونية أو سياسية للمطالبة بعودته للرئاسة، إذا ما قضت المحكمة بأنه فاز بالتزوير فى القضية التى رفعها شفيق، وظلت تحقيقاتها حبيسة الأدراج بانتظار قرار قضائى بإحالتها للمحكمة، وهو أمر لو حدث فسوف يوجه ضربة موجعة ليس لمرسى فقط، ولكن لتنظيم الإخوان كله، الذى هدد قبل إعلان النتائج بحرق البلد كله، إذا لم يتم إعلان فوز مرشحهم البائس بالرئاسة!
أما ثانى الأهداف التى تحققها عودة شفيق لمصر، فربما يكون اضطلاعه بدور زعيم المعارضة، لإعطاء قبلة الحياة لحياتنا الحزبية التى أصابها الركود والجدب، تمهيدا لتحقيق الهدف الثالث وهو اجراء الانتخابات النيابية التى تعثرت ولادتها على مدى الأشهر الماضية، بما يسبب إحراجا بالغا لنظامنا السياسى ربما للرئيس السيسى شخصيا، وحتى ننتهى من الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق، خاصة أن غياب البرلمان، أصبح يمثل عبئا ثقيلا على النظام كله، جعله عرضة لانتقادات مستمرة وواسعة داخليا وخارجيا.
قد يستطيع الفريق شفيق تحريك المياه الراكدة فى حياتنا السياسية، وقد ينجح جزئيا فى تنفيث الغضب والاحتقان الذى يتسلل بهدوء ــ حتى الآن ــ فى نفوس المصريين، كتعبير عن خيبة أملهم فى تحسين مستوى معيشتهم، لكن الفريق شفيق لا يملك بالتأكيد أية حلول حقيقة لمشاكلنا المزمنة، فالرجل هو ابن المدرسة السياسية الاقتصادية المحافظة التى تبناها مبارك وابنه جمال، والتى تؤمن بالخطوط الحمراء وتدخل الدولة فى حياتنا السياسية، وابتعادها تماما عن حياتنا الاقتصادية، وبالدور الريادى للسوق ورجال الأعمال فى عمليات التنمية، وهى نفس المدرسة التى فاقمت الأزمات خلال حكم مبارك، حتى أدت لاندلاع ثورة ينايرالتى سرقها الإخوان وتمردوا عليها، حتى كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
السؤال الصعب الذى يطرحه هذا التفسير التآمرى ــ إن صح ــ لعودة شفيق هو: هل ينجح الرجل فى حل جزء من مشاكلنا السياسية، أم أنه سيكون ورقة محروقة تزيد من تفاقم هذه المشكلات؟!
المؤكد أن الإجابة ليست عند شفيق وحده، فبدون إجراء تغييرات جذرية على توجهاتنا السياسية والاقتصادية الراهنة، لتنحاز بوضوح لشعارات ثورة يناير فى الحرية والعدالة الاجتماعية، فسوف نظل نحرث فى البحر.. بغياب شفيق أو حتى بعودته!