المهنة الخبير
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 16 يوليه 2014 - 8:55 ص
بتوقيت القاهرة
فى الأسابيع الأخيرة تبلورت حالة من سوء الفهم لأدوار مهمة فى المجتمع، منها «الخبير» و«المستشار»، وذلك نتيجة الربط المباشر بين تخفيض النفقات العامة وبين إنهاء عمل المستشارين فى الجهاز الحكومى.
السؤال هل هؤلاء الخبراء أو المستشارون لهم دور فى المؤسسات العامة؟
لا يوجد بين يدى حصر شامل بأعداد وأدوار المستشارين فى مختلف المؤسسات العامة، ولا أدعى أننى أعرف يقينا ما إذا كان الاستغناء عنهم يحمل مردودا إيجابيا على العمل من عدمه، ولكنى من واقع خبرة واحتكاك أجزم بأن وجود بعضهم ضرورة أساسية لرفع الكفاءة المؤسسية، والإنجاز فى المؤسسات العامة. ويؤدى تفريغ المؤسسات الحكومية من هؤلاء المستشارين، بما يحملونه من خبرة ومعرفة إلى إضعاف هذه المؤسسات التى تعانى بالفعل من ضعف وتراجع. وهل يمكن أن يكون لدى الحكومة خطة واسعة للتنمية فى الوقت الذى يجرى فيه الاستغناء عن مستشارين، يمكن أن يساعدوا فى هندسة هذه المشروعات، وربط وجودها المادى بالعائد الاجتماعى، الذى يمكن أن يعود على المجتمع ككل.
الخبراء والمستشارون، فى كل مكان، هم عنصر تميز للجهاز الحكومى فى مواجهة القطاع الخاص، الذى يستطيع بيسر أن يجتذب كفاءات مهمة للعمل به. المشكلة التى يعانى منها المجتمع المصرى ليست فى وجود المستشارين، ولكن فى طريقة اختيارهم، التى تحولت فى حالات كثيرة إلى ترضية للبعض، وإيجاد منافذ تكسب للبعض الآخر، دون إيلاء أهمية للخبرة أو الكفاءة التى يمكن أن يضيفها المستشار إلى العمل الحكومى. وللأسف نحن دائما نتحرك بانطباعية سياسية، ونرضى اتجاهات شعبوية دون أن نضع قواعد نلتزم بها. من هنا يكون التوفير فى الميزانية العامة فى التخلص من المستشارين، دون أن تكون هناك قواعد لتقييم هؤلاء المستشارين وأدائهم الوظيفى، وبعد فترة زمنية قد يجد الجهاز الحكومة نفسها بحاجة إلى مستشارين للعمل بها.
جيد أن نجد شخصية دولية فى وزن هانى عازر تقبل العمل مستشارا ــ بالمجان دون تقاضى أجر أو بدلات ــ فى الحكومة، ولكن هذه ليست القاعدة. المستشار يقدم الاستشارة والخبرة مقابل أجر، ولا غرو فى ذلك، ولا يصح أن نعتبر ذلك أمرا غير طبيعى.
المؤسسات العامة تعانى من ضعف مؤسسى، وتضخم بيروقراطى، وتراجع فى القدرات المالية فى الوقت، التى يزداد الطلب عليها، ما يجعلها بحاجة إلى كفاءات وخبرات تنظم العمل بها. وليس من الحكمة أن نفرغ المؤسسات من الكفاءات، وندفعها للعمل فى القطاع الخاص. وقد لا يعرف أبناء جيلى أن كثيرين ممن عملوا فى القطاع الخاص، وامتلكوا كفاءات فنية مهمة بدأوا حياتهم الوظيفية فى القطاع العام، لكن المنافسة فى سوق العمل انتهت بهم فى القطاع الخاص. أعتبر ذلك فشلا حكوميا، وليس نجاحا من جانب القطاع الخاص.
نحن بحاجة إلى مراجعة المزاج العام، والإجراءات المقيدة، التى تتخذ سواء فيما يتعلق بعمل المستشارين أو بالحد الأقصى للأجور فى بعض المجالات، لأن ذلك قد يفرغ الجهاز الحكومى من كفاءات مهمة أو يحرمه من كفاءات مهمة هو بحاجة إليها