أيام الكورونا: ذاكرة المستشفيات
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 16 يوليه 2021 - 7:25 م
بتوقيت القاهرة
تلك فترة زمنية من تاريخ العالم تحتاج بالفعل لتأريخ وتدوين لتلك التجارب الصحية المختلفة التى عاشتها المستشفيات والمراكز الصحية فى كفاحها المضنى لمواجهة هموم ذلك الفيروس الضارى الذى اجتاح العالم فى جرأة لا تتناسب وضآلة حجمه وإن ساندت سرعة انتشاره التى فاقت سرعات الصوت والضوء. حتى الآن تظل حقائق كثيرة مخفية لا تظهر للعلن ولا أحد يعلم حقيقة من يخفيها ولصالح من يتم الحرص على دوام التعتيم عليها، حينما اختلط العلم بالسياسة وتضاربت المصالح الاقتصادية زاد التعتيم وغلب اللون الرمادى وانحسر ضوء النهار.
رغم فداحة الخسائر التى منى بها العالم على جميع المستويات يظل هنا بعض الأمل فى تلك الدروس المستفادة التى قد يرصدها أصحاب الأفكار الإنسانية المهمومون بتفاصيل حياة البشر على الأرض، وما قد يجعلها بالفعل تفى بفرص متساوية من الحقوق الآدمية فى مواجهة ثقل الواجبات.
تمنيت أن ينتبه العاملون بالمستشفيات والمراكز الطبية بل أيضا أصحاب الشأن الصحى والمسئولون عن إدارة دفة الأمور فى البلاد إلى تدوين مذكرات يومية قد أتصورها ذاكرة تسجل بشفافية الأحداث اليومية كما هى من واقع ملفات المرضى وملاحظات الأطباء وبرامج العلاج واستجابة المرضى لها سواء كان ذلك فى اتجاه الشفاء أو تفاقم الأعراض.
تمنيت أيضا أن تعلن كل مستشفى عن الخطة التى وضعتها والأسلوب الذى انتهجته لمواجهة خطر العدوى بالطبع فى ظل الإطار العام الذى تتبناه الدولة ،وأن تخضع تلك الخطة للتقييم والتقويم بانتظام بمعرفة من وضعوها والمشرفين على تنفيذها.
اتصور أيضا أن يهتم العاملون فى أقسام مكافحة العدوى بتدوين كل ملاحظاتهم وما يرصدون من أخطاء يقع فيها المرضى والأطباء والتمريض والعاملون بالأقسام المختلفة كالأشعة والمعامل حتى لا تتكرر. وأن يهتموا بتسجيل كل الظواهر الإيجابية التى تظهر على منحنى الاهتمام الصاعد لوعى الناس نتيجة التجارب المتكررة أو الجهود المبذولة للتنبيه والإرشاد.
تمنيت أيضا لو سجل الصيادلة والأطباء ملاحظاتهم اليومية على الأدوية المستخدمة وتأثيراتها السلبية والايجابية على المرض والمرضى.
أى تلك الأدوية كان له أن يستمر فى التداول نظرا لفاعليته وأيها كان يجب تنحيته لضعف أثره أو تسببه فى مضاعفات.
أتصور أيضا أن يهتم العاملون بميدان الدراسات الاجتماعية بالتعاون مع العاملين فى مجال الصحة بالملامح المصرية لجائحة كوفيد ــ ١٩ من أهم القضايا التى يجب دراستها ليس فقط بغرض الرصد والتحليل بل أيضا بغرض اقتراح حلول علمية عملية للآثار التى ترتبت عليها.
وفقا للتقارير الصادرة عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها «C.D.C» الأمريكى أن غرف الطوارئ فى المستشفيات فى عام ٢٠٢٠ قد استقبلت حالات أطفال يحتاجون للمساعدة العاجلة ضعف العدد الذى استقبلته عام ٢٠١٩ نتيجة تدهور أحوالهم النفسية الناشئ عن معاناتهم من تلك الظروف القاسية التى فرضها الوباء وأهمها ضرورة البقاء فى المنزل والانقطاع عن الذهاب للمدرسة والاضطرار للدراسة عن طريق شاشات الكمبيوتر، تلك الأحوال التى كان لها الكثير من الآثار السيئة على نفسية الأطفال وإصابتهم بأعراض معاناة الضغوط النفسية من القلق والاضطراب النفسى.
رغم أن العالم بأسره قد واجه ذلك الخطر الداهم إلا أن هناك بلاشك تفاصيل فى وقائع تلك المعركة قد تخلق بعضا من الفهم والتفهم الذى يختلف من مكان لآخر قد يحسم الأمر فى نهايته لصالح الانسان بإذن الله. اختلاف تلك التجارب أو تماثلها يرسم خريطة واضحة المعالم لما يجب أن يكون عليه الطريق السليم لمواجهة الآتى من أحداث لا يعلمها إلا الله.
اعتقد أن ذاكرة المستشفيات فى مصر بوقائعها المحلية هى الأقدر على صنع وعى صحى فاعل يمكن الاستناد إليه فى اختيار أسلوب المقاومة فى المرحلة القادمة بالتعاون مع العالم.