الإرهاب الأسود
سيد قاسم المصري
آخر تحديث:
الجمعة 16 أغسطس 2013 - 10:25 ص
بتوقيت القاهرة
المرحوم الدكتور عبد الله العريان القاضى السابق فى محكمة العدل الدولية وأستاذ القانون الدولى، ندين له نحن جيل الدبلوماسيين الذين التحقوا بالعمل الدبلوماسى فى الستينيات، بالكثير، ولم نعلم كم استفدنا منه إلا بعد حين، بعد أن صرنا إلى مواقع المسئولية، وجدت نفسى وكذلك زملائى الذين عملوا معه فى كثير من المواقف الدبلوماسية الصعبة نستشهد بكلمات سمعناها منه ومبادئ قانونية وسوابق تاريخية تنقذ الموقف.
***
تذكرت الدكتور العريان، وأنا أقرأ كتابات بعنوان «الإرهاب الأسود» ففى أحد أيام خريف عام 1966 ذهبت إلى مكتبه أعرض عليه مشروع البيان الذى سألقيه فى اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار (كان يسمح لنا بذلك كنوع من التدريب)، وكان البيان يتضمن عبارات مثل «الصفحات السوداء التى خطها الاستعمار فى تاريخ البشرية»،
وجدت الدكتور عبدالله يرفع رأسه عن الورق، ويقول: «ما بلاش حكاية الألوان دى فى الأمم المتحدة» ثم قص على أنه عندما كان طالبا بجامعة كولومبيا الأمريكية شب عراك بين اثنين من الطلبة، أحدهما أسود فقام أحد الطلبة المصريين بالشهامة المصرية المعهودة يفض النزاع، وكان من بين ما قاله المصرى للأمريكى الأبيض «خلى قلبك أبيض» فترك الشاب الأسود خصمه الأبيض، والتفت بغضب إلى المصرى قائلا: وهل من الضرورى أن يكون أبيض لكى يكون جيدا؟
وأصبح موضوع النزاع هو «الألوان».
والحقيقة أن اللغة ــ أى لغة ــ تقسو على السود.. فكل ما هو سيئ فهو أسود.
«أيلول الأسود.. الاثنين الأسود.. السوق السوداء».. إلخ.
والواقع أن الإرهاب ليس له لون وليس له دين.. فليس هناك إرهاب أبيض، ولا إرهاب أسود وليس هناك إرهاب إسلامى أو مسيحى أو بوذى.. إنه الإرهاب فقط.. الذى يستهدف المدنيين غير المحاربين والذى يفجر المساجد والكنائس والحافلات والمدارس.. لقد قال لى الدكتور شريف بسيونى أستاذ القانون الدولى المعروف عالميا ذات يوم إن الصعوبة التى تواجه تعريف الإرهاب هى محاولة ربطه بالهدف.. ولا يجب ربطه بالهدف مهما كان الهدف ساميا فهو يسىء إلى الهدف ولا يخدمه.. فاستهداف المدنيين عمل إرهابى يجب أن يدان حيثما كان وفى كل مكان وزمان