محاورة شباب الإخوان ضرورة إستراتيجية
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 16 أكتوبر 2013 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
أجهزة الأمن قبضت منذ الثالث من يوليو وحتى الآن على غالبية قيادات جماعة الإخوان على ذمة قضايا متنوعة. لكن ماذا ستفعل مع بقية أعضاء الجماعة؟!.
ليس من المتصور عقليا اعتقال كل هؤلاء لمجرد أنهم يتظاهرون ويرفعون صور رابعة ويهتفون ضد الحكومة، وحتى لو افترضنا أن الحكومة اعتقلت كل الأعضاء ــ وهو أمر مستحيل عمليا ــ فسيظل هناك بعض المتعاطفين مع أفكارها.
وإذا كانت الحكومة وغالبية قوى المجتمع تعتقد أن أفكار الجماعة هدامة.. فما هو الحل؟!.
لا أعتقد أن أشد كارهى الإخوان لديه حل سحرى لهذه المشكلة وإلا كان تم تجريبه منذ عام 1954. والسؤال:
هل ستقوم الحكومة بقتل كل الإخوان، أو وضعهم فى صوبات زجاجية بالصحراء أو استبدالهم بمواطنين من النرويج؟! بالطبع الإجابة: لا!.
الإخوان شئنا أم أبينا جزء من المجتمع وبالتالى وجب البحث عن علاج حقيقى لهذه المشكلة المستمرة منذ عام 1928.
الحل الأمنى والقضائى مهم جدا للخارجين على القانون، لكن فيما يتعلق بأولئك الذين يؤمنون بأفكار محددة، فإن عصا الأمن مهما كانت غليظة وعتمة الزنازين مهما كانت حالكة السواد، لا تجعل المرء يغير أفكاره، بل ربما يصير أكثر تطرفا.
هل كل ما سبق يعنى أن الحل هو التفاوض مع الإخوان والوصول لصفقة تعيد دمجهم فى العملية السياسية؟!.
مرة أخرى الإجابة هى: لا، فإذا كان البعض فى معسكر الحكومة يرى أن المصالحة مع قيادات الإخوان جريمة الآن، فإننى أعتقد أن محاورة شباب الجماعة تمثل مهمة وطنية قصوى، بهدف تغيير أفكارهم المتطرفة اولا.
لا أتحدث عن عشرات المنشقين على الجماعة، فرأيهم فى الجماعة أسوأ من رأى د. رفعت السعيد!.
البلاد بحاجة لخطة استراتيجية لمحاورة شباب الجماعة العادى الذى يؤمن بأفكارها. لا نتحدث عن حوارات يجلس فيها رجل دين تقليدى من الأزهر على طاولة وأمامه مجموعة من الشباب وكاميرا التليفزيون تنقل اللقاء.. ثم كفى الله المؤمنين شر القتال.
نتحدث عن برنامج فكرى به نقاشات جادة وشاملة وحرة تشبه ــ مع الفارق ــ ما حدث مع أعضاء الجماعات الإسلامية من مراجعات داخل السجون فى التسعينيات.
مع ملاحظة أمر مهم هو تغير الظروف كما أن أفكار الجهاديين متطرفة ويسهل دحضها والمجتمع لم يكن يقبلها، فى حين أن الإخوان يتحدثون بلهجة تبدو معتدلة ظاهريا ويستخدمون أساليب أكثر مكرا بكثير من تطرف الجهاديين أو سذاجة السلفيين. ثم إن تطور وسائل الاتصال، وانكسار حاجز الخوف بين الشباب والدولة، يجعل الحلول التقليدية صعبة.
إذن يحتاج الأمر ما يشبه كتائب الطوارئ لإقناع شباب الإخوان بالحوار أولا، وبعدها يمكن الحديث فى الآليات ويعقبها الدخول فى جوهر المناقشات.
وبجانب هذا الجزء الفكرى الذى يحتاج جهدا جماعيا ونماذج محترمة ومتبحرة فى صحيح الدين، فإن المهم ان يكون لدى الحكومة سياسة اقتصادية واجتماعية جذابة حتى تجعل بقية المجتمع يساندها فى المواجهة. إذا حدث ذلك فإن امكانية تغيير الشباب لأفكارهم المتطرفة تبدو واردة. أما الإصرار فقط على عصا الأمن فإننا نذكر أصحاب هذه النظرية بأن السجون لم تمنع تطرف الجهاديين، وحتى المراجعات ثبت أن معظمها لم يكن صحيحا والدليل أن من أعلنوا التوبة عادوا نجوما للتطرف على منصة رابعة العدوية.