صبحى باشا صالح وعزة هانم الجرف
وائل قنديل
آخر تحديث:
الجمعة 16 نوفمبر 2012 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
لماذا لا تتنزه إسرائيل وتمارس مجونها العسكرى على غزة وهى تجد أكبر دولة عربية تغط فى تهريج سياسى عميق؟
إن الكيان الصهيونى لن يجد لحظة أفضل من التى نعيش فيها الآن لكى يستعرض عضلاته ويخرج لسانه للعرب من المحيط إلى الخليج، فها هى أكبر وأقوى دولة فى المنطقة تعيش حالة من تمزيق الثياب والاشتباك حول الهوية وكأنها لاتزال تلهو وتمرح فى طفولتها، وليست دولة مستقرة عمرها جاوز السبعة آلاف سنة.
إن أمة تتحول عملية صياغة الدستور فيها إلى مسلسل ينتمى إلى «دراما الصابون» ممتد الحلقات والأجزاء إلى ما لا نهاية لن تكون أبدا مصدر ردع أو إزعاج لعدو بارع فى اقتناص اللحظات المواتية، فهنيئا لإسرائيل بخناقات تأسيسية الدستور، ومهارشات القوى السياسية حول مقاعد برلمان أقرب إلى مسرح منوعات منه إلى بيت تشريعى محترم، وقضاء قرر أن يهبط من عليائه لمستنقعات السياسة ليصبح طرفا فى لعبة عبثية بلهاء تضع البلد على حافة الجنون.
لقد عادت لغة الاستعلاء مجددا تخيم على خطاب تيار الأغلبية، الذى يسلك وكأنه ممثل للإقطاع السياسى فى مصر، ولك أن تتأمل كلمات الأستاذ صبحى صالح القيادى الإخوانى وهو يهدد أعضاء التأسيسية المنتمين للتيار المدنى والليبرالى بإقصائهم واستبدال مجموعة من الاحتياطيين بهم، إذا هم أصروا على موقفهم المحترم الرافض للعشوائية (الممنهجة) التى تدار بها الأمور داخل الجمعية التأسيسية.
وقبل ذلك انظر لكلمات الدكتور عصام العريان التى تساقطت مثل قنابل حارقة للتوافق داخل الجمعية وهو يخاطب أعضاء الجمعية مرددا الخطاب الاستعلائى ذاته عن أن الإخوان هم الذين صنعوا الثورة وهم أصحابها. وها هى السيدة عزة الجرف القيادية الإخوانية التى لمعت فى الأفق السياسى المصرى فجأة توجه مدفعيتها الثقيلة لكل من يعترض على نزعة الانفراد فى كتابة الدستور قائلة «لسنا مختومين على قفانا لنترك أمورنا لإعلام فاسد وخائن، يقودنا للمجهول، وإحياء شعيرة الفوضى»، وذلك فى الندوة التى نظمتها أمانة المرأة بحزب الحرية والعدالة بطنطا، تحت عنوان «دستور مصر لكل المصريين» وكما نقل مراسل «الشروق» فى الغربية.
ومن الأسف أن مرددى مثل هذا الخطاب القاتل لأى فرصة للتوافق ورص صفوف الوطن يتناسون أنه لولا سكوتهم وابتعادهم عن هذه اللغة (الإقطاعية) فى معركة الإعادة بالانتخابات الرئاسية لما نجحت مصر فى إسقاط مرشح الثورة المضادة ليفوز الدكتور محمد مرسى بفارق الواحد فى المائة.
والملاحظ حسب التجارب السابقة أن هذا الخطاب يختفى ويتوارى كلما كانت هناك خطورة، ولذا يبدو غريبا حضوره الآن بينما الخطر يحاصرنا من جميع الاتجاهات، فى الداخل والخارج، فإلى أين تريدون أن تأخذونا أيها الباشوات والهوانم الجدد؟