هذا ليس «عنف المستوطنين» إنه عنف الدولة
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الثلاثاء 16 نوفمبر 2021 - 8:40 م
بتوقيت القاهرة
شهدنا فى الأسبوع ونصف الأسبوع الماضيين على الأقل 4 حوادث عنف للمستوطنين تجاه الفلسطينيين ومَن جاء لمساعدتهم فى وقت الضيق. أكاذيب وذرائع لا نهاية لها تستخدمها إسرائيل للرد على المزاعم بشأن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين: إنها «ظاهرة موسمية»، حدودها فصل قطاف الزيتون؛ هو من عمل «الأعشاب الضارة»، مجموعة منفصلة من شبان الهضاب، هو عنف يجرى تحت جنح الظلام فى مكان ما من البؤر الاستيطانية الواقعة على أطراف الضفة الغربية، سلطات فرض القانون تتعامل معه بالجدية المطلوبة، الشرطة تحقق فى العمق والجيش يشدد إجراءاته.
لكن هذا العنف يجرى طوال العام فى كل أنحاء الضفة الغربية، وليس فقط فى البؤر الاستيطانية المعزولة، وفى عشرات «المزارع الاستيطانية» التى أُقيمت فى الأعوام الأخيرة. هناك مناطق فى الضفة عرضة أكثر للعنف، وهناك مناطق أقل عرضة ــ لكن ليس هناك مناطق فى منأى عنه. كل عدة أعوام يغيّر العنف شكله ويتحسن. قبل 20 عاما وأكثر سكان تلك البؤر هم الذين نهبوا أراضى فلسطينية خاصة. بعدهم أتت حوادث «جباية الثمن» التى جرى فى إطارها تخريب منازل وإحراق حقول وبساتين ومساجد. نحن الآن فى ذروة موجة من السيطرة العنيفة على عشرات آلاف الدونمات من عناصر «المزارع الاستيطانية».
طوال هذه الأعوام يحظى المستوطنون بحماية الدولة ودعمها: الجيش يحمى العنف والنهب، الحكومة تدعم المستوطنات التى أقيمت من دون أذونات، والنيابة العامة وسلطات أُخرى تدافع عنهم ضد المطالبات بالإخلاء. فى الحالات القليلة التى اضطرت فيها الدولة إلى إجلاء مستوطنين نهبوا أراضى للفلسطينيين عوضت عليهم بسخاء.
المهاجمون العنيفون ــ ومَن أرسلهم ووجّههم وموّلهم ــ يحصلون على حصانة مطلقة تقريبا. وباستثناء حوادث استثنائية، لا يجرى توقيفهم، ولا يُحقَّق معهم، ولا يُحاكَمون. أكثر من مرة يساعدهم الجنود، وغالبا ما يقفون موقف المتفرج ويسمحون لهم بالتعديات وأعمال الشغب. قبل بضعة أشهر جرى تصوير مستوطن يرتدى بنطال الجيش الإسرائيلى فى قرية عوريف بالقرب من نابلس، وهو يقف بالقرب من جندى ويطلق النار فى اتجاه الفلسطينيين.
أكثر من مرة لم يكن يوجد عدد كافٍ من الجنود والشرطة لوقف عنف المستوطنين. كل هذا ليس مصادفة. فالعنف والترهيب والتخويف الذى يمارسه المستوطنون على الفلسطينيين فى الضفة الغربية هو أداة لنظام الاحتلال. الاحتلال أيضا يسرق أرضهم ومواردهم الطبيعية والمياه، وهو أول مَن يقمع أى إمكان لنمو فلسطينى قابل للحياة. رسميا، تعمل الدولة ظاهريا وفق القانون، وبحماية الأوامر العسكرية وأحكام المحاكم المدنية والعسكرية والإجراءات التفصيلية للإدارة المدنية. وبصورة غير رسمية، وبحماية ودعم الدولة، يقوم المستوطنون بتوسيع سلة وسائل النهب، هجمات بالهراوات والغاز والحجارة وإطلاق النار والكلاب واقتحام منازل، وطرد رعاة، ورشق سيارات مارة بالحجارة، وثقب الإطارات، وسرقة الحصاد، وقطع أشجار وغيرها. وهذا كله يخدم الهدف عينه: طرد سريع ووحشى للفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم.
من الملائم لنا ــ نحن الإسرائيليون ــ أن نلعب اللعبة كأن عنف المستوطنين منفرد واستثنائى، وهو من عمل عصابات لا شيء بينها وبين الدولة. لكن هذا هو العنف عينه وهو من نفس النوع، إنما عبر قنوات موازية. عندما يمارَس العنف برعاية ومساعدة السلطة الإسرائيلية منذ أعوام فهو ليس عنفا تقوم به مجموعة مستوطنين، بل هو عنف الدولة.