الضغوط النووية
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 16 ديسمبر 2010 - 9:34 ص
بتوقيت القاهرة
من المعروف أن الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران والزعيمة البريطانية السابقة مارجريت تاتشر دخلا فى تنافس كبير عام 1984 على أيهما يستطيع إقناع الملك السعودى الراحل فهد بن عبدالعزيز بشراء صفقة طائرات عسكرية بمليارات الدولارات من بلده. ميتران دافع عن الميراج.. وتاتشر روجت للتورنادو والهوك.
انتهى الأمر بأن ضغوط لندن حسمت الأمر عام 1985 بما عرف لاحقا بصفقة اليمامة أو صفقة القرن ــ والتى تعد أكبر صفقة أسلحة فى تاريخ بريطانيا ــ حيث قيل إن مسئولين سعوديين تلقوا رشاوى لإرسائها على الشركات البريطانية.
يحكى أيضا أن زعيم دولة خليجية وقعت صفقة طائرات ركاب ضخمة مع شركة ايرباص الأوروبية الأمر الذى عظم من موقع الشركة فى الصراع على احتلال المركز الأول فى بيع الطائرات المدنية.. هنا اتصل الرئيس الأمريكى بالزعيم الخليجى غاضبا ومعتبرا الأمر عملا عدائيا ضد اقتصاد بلاده، فما كان من الزعيم الخليجى إلا أن وقع بعد ذلك بأيام صفقة أخرى مماثلة مع شركة بوينج الأمريكية
.
مثل هذا الأمر ــ بعيدا عن الرشاوى بالطبع ــ يحدث كثيرا، لكنه لا يعلن على الملأ، وليس عيبا أن يبادر هذا الزعيم أو ذاك لمحاولة إرساء صفقة على شركة تخص بلاده.. شرط أن يتم ذلك على أساس المنافسة الشريفة
.
قد يسأل سائل.. وما هى علاقة كل هذا بمصر؟! المناسبة هى ما يتواتر من تسريبات عن صراع بين بلدان وشركات دولية من أجل الفوز بعملية إنشاء المحطة النووية المصرية الأولى فى الضبعة خلال أيام. هناك تقارير تقول إن روسيا تربط الموافقة على توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع مصر بإرساء الأخيرة عطاء المفاعل على شركتها «روسيا تروم» وهناك تقارير أخرى تشير إلى ضغوط أمريكية أكثر حدة لإرساء المفاعل على شركة «وستنجهاوس» خصوصا أن مصر فسخت مع شركة «بكتل» مهمة الاستشارى للمشروع قبل أن تعطيه للشركة الاسترالية «وورلى بارسونز».. «هناك أيضا شركات «الستوم» الفرنسية و«كيبيكو» الكورية الجنوبية «cnnc» الصينية.
مرة أخرى ليس عيبا أن تضغط أى دولة لمصلحة شركاتها، مثلما ينبغى أن نضغط نحن لترسية مشروعات فى بلدان خارجية على شركات مصرية
المهم أن نختار الشركة الأفضل لنا. ومن البديهى أن تكون الشركة الفائزة هى الأفضل فى مجالها، والأهم أن تنقل لنا الخبرة وتدرب كوادرنا على إدارة هذا المفاعل، بدلا من طريقة «تسليم المفتاح» والمفترض أكثر أنه فى مثل هذه المشروعات هناك دائما العامل السياسى حتى لو لم يتم الإعلان عنه
فى هذا الشأن علينا أن نسأل أنفسنا أسئلة كثيرة افتراضية منها مثلا هل هناك خطورة على أمننا القومى حال تم إسناد أمر المفاعل لشركة أمريكية أو أى شركة على علاقة وثيقة مثلا بإسرائيل.. وأيهما أفضل أن تكون الشركة روسية أم فرنسية.. أو حتى صومالية
بالطبع الأمر ليس سهلا والضغوط فى هذا المجال هائلة، والاختيار يكلف الدولة أى دولة دفع أثمان باهظة
ولذلك فإن الدولة التى يكون قرارها الوطنى حرا ومستقلا هى التى تحصل على أفضل العروض سواء كانت تريد إنشاء مفاعل نووى أو حتى محطة مجارى