اختيارات الموت
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
السبت 17 يناير 2015 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
لم يعقل الإنسان على مر تاريخه حقيقة كالموت. لعله بالغ حينما وصف الموت بأنه الحقيقة الوحيدة: يولد الإنسان ليموت مهما طالت أيامه. عظم قدره أو تواضعت أصوله تعددت الأسباب والموت واحد.
عزيزى القارئ لا أود أبدا أن ألقى بظل ثقيل على يومك الذى أتمنى دائما أن يأتيك مشرقا بالصحة والسعادة لكنى كعادتى أخاطبك بمودة وتلقائية الأصدقاء وأنتقل بين العام والخاص، لأن الأمر اليوم فيهما واحد.
داهمنى ألم مر هذا الأسبوع، فقد غيب الموت الشقيقة الكبرى لزوجى فحرمنا جميعا من ظل وارف تعودناه وأنسنا إليه، فقد كانت رحمها الله ممن نطلق عليهن خلق سبحانه فسوى.
انسحبت كالنسمة فى دقائق معدودات لم يغب لها ذهن ولا اختلط عليها خاطر فكان فى ذلك ما هون علينا وملأ قلوبنا بنعمة الرضا.
نشرت صحيفة الإندبندنت Independent فى آخر نهارات العام 31/12/2014 أحد موضوعات الرأى المهمة عن خيارات الموت، الرأى كان للدكتور ريتشارد سميث Richard Smith الطبيب الكاتب ورئيس تحرير الدورية الطبية الأشهر 13Ritis Medical Journal وصاحب برنامج محطة BBC المهتم بالموضوعات الصحية المختلفة.
يرى د. دريتشارد سميث أن إنفاق الملايين على علاج مرضى السرطان غير مبرر، وأنه من الأفضل أن يتركوا لنهاياتهم، التى يراها أفضل وسائل الموت، الذى هو آت لا ريب فيه.
يرى د. سميث أنها فترة تتيح للإنسان أن يودع دنياه وأصدقاءه بصورة تليق به وبهم. يمكن للإنسان أن يقضى الوقت فى استعادة ذكرياته الجميلة على مر فترات حياته، يمكنه الاستمتاع بكل ما افتقده فى هدوء بين عائلته وأصدقائه.
يقارن د. سميث بين الموت فى هدوء والموت فجأة دون مقدمات الذى قد يواتى الإنسان وهو غير مستعد إلى جانب ما يخلفه رحيله من لوعة فى قلوب عائلته وأصدقائه. أو الموت نتيجة معاناة طويلة لتداعى أجهزة الجسم وفشلها فى أداء مهامها، الأمر الذى يلزم الإنسان المستشفى لفترات طويلة يظل فيها تحت رحمة الأطباء؟
ينحاز فى النهاية للموت بالسرطان ويشير إلى كتابات لوىس بونييل Luis Bunuel السينمائى الإسبانى المعروف الذى بدأ حياته بدراسة الهندسة ثم تحول عنها إلى الفلسفة وأخيرا صناعة السينما. الذى زامل وصادق العديدين من نجوم العصر الأوروبى الذهبى: سلفادور دالى الفنان السريالى ولوركا الشاعر والسياسى.
بعد حياة أسطورية عريضة رحل بونييل، الذى ولد فى إسبانيا ومات فى المكسيك عام 1983 عن ثلاثة وثمانين عاما إثر إصابته بسرطان البنكرياس. وقد اختار د. ريتشارد سميث من كلماته عن الموت بالسرطان: تمنيت أن أموت بسلاسة وبطء حتى أتمكن من وداع الدنيا وداعا لائقا. أنا لا أهاب الموت لكنى لا أحبه يفاجئنى. لا أتمنى أن أموت وعلى طاولتى سيناريو لفيلم لم يكتمل. أحب أن أعرف من سيغمض عينى بعد أن أرى الموت مقبلا ليصحبنى.
يتحدث الجميع عن الموت، بينما العلم مازال فى صراع دائم منحازا للحياة. فى بريطانيا التى يشكل السرطان ثلث وفياتها تشير الأرقام إلى أن الشفاء من السرطان أمر عادى وأن نصف المصابين به يعيشون فترة تتجاوز الأعوام العشرة.