الجبهة السابعة للحرب هى تلك الدائرة بين جالانت ونتنياهو
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 17 يناير 2024 - 7:30 م
بتوقيت القاهرة
الخلاف القبيح فى جلسة كابينيت الحرب بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، هو أوضح تعبير عن التوترات بينهما، التى تعود إلى تاريخ سابق قبل الحرب. فعليا، هناك مَن يصف العلاقات المتكدّرة بين جالانت ونتنياهو بأنها جبهة سابعة للحرب، ويمكن أن تؤثر فى الجبهات الست الأخريات (غزة، لبنان، سوريا، إيران، اليمن، والعراق). وبقدر ما نسمع عن الانتقادات بشأن الطريقة التى يجرى إطلاع الجمهور عليها وتأثيرها فى المعنويات فى الميدان، من المفيد التفكير فى أنه كيف يمكن لخلاف بين أهم شخصين يديران الحرب أن يخدم المقاتلين.
فى يوم السبت الماضى، تحدثت قناة «كان» الإخبارية عن حادثة وقعت خلال جلسة كابينيت الحرب، حيث حرص فريق نتنياهو على إحراج جالانت علنا، وأبعد رئيس طاقمه عن النقاش. غادر جالانت الجلسة المهمة، وعاد إليها فقط فى القسم الثانى، بعد أن جرى الاتفاق مسبقا على إجرائها من دون وجود مساعدين. الأحد الماضى، استمرت المواجهة، لكن بشأن نقطة أكثر جوهرية: كيف يمكن منع اشتعال الضفة الغربية. جالانت الذى قام بجولة يوم الأحد على فرقة «يهودا والسامرة»، طالب بإيجاد حل لـ«موضوع العمال [دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل] والأموال»، وقال «هذا قد يمنعنا من تحقيق أهداف الحرب.. وآمل أن توافق الحكومة على موقف الجيش والشاباك.. وأقول بصورة أكثر وضوحا: سلطة فلسطينية قوية هى فى مصلحة إسرائيل الأمنية».
عموما، عبّر جالانت عن موقف مهنى ورصين كما يفرضه عليه منصبه. لقد جرى هذا بعد وقت قصير على ورود التقارير التى تحدثت عن البرودة من جانب الرئيس بايدن إزاء نتنياهو. ولا داعى للقول أن كلام جالانت لم يعجب نتنياهو، لا من حيث المضمون، ولا التوقيت. علاوة على ذلك، إن موقف جالانت يعزز موقف الجبهة الأُخرى فى الكابينيت الموسع، والتى يوجد فيها الوزيران بنى جانتس وغادى أيزنكوت ضد الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين يحشران نتنياهو، ويثيران غضب البيت الأبيض. لكن من جهة أُخرى، يتفق نتنياهو وجالانت فى موقفهما ضد محور جانتس ــ أيزنكوت بشأن استمرار المعركة فى غزة: وبينما يدفع جانتس وأيزنكوت فى اتجاه صفقة رهائن، حتى لو كان الثمن باهظا، يقول نتنياهو وجالانت إنه يجب عدم الموافقة على صفقة بأى ثمن، والاستمرار فى العمليات الهجومية.
خلال الزيارة التى قام بها جالانت إلى الضفة الغربية، لم يسمع هناك أخبارا جيدة. بل سمع من الضباط كلاما عن ازدياد مخاوفهم من تصاعُد نفوذ إيران و«حماس» فى المنطقة، ودخول وسائل قتال عادية، وليست مرتجلة، وزيادة الهجمات القائمة على المحاكاة، من دون وجود معلومات استخباراتية مسبقة عنها. بالإضافة إلى ذلك، عُثر على 3 صواريخ مرتجلة فى مخيمات اللاجئين فى طولكرم وجنين، الأمر الذى يشير إلى نية الاستمرار فى التهديد بإطلاق الصواريخ على المستوطنات القريبة.
الأرقام بحد ذاتها لا تكذب: ارتفاع فى الهجمات «الإرهابية» منذ 7 أكتوبر، بينها إطلاق النار، بالإضافة إلى قتل 300 «من حماس» فى عمليات للجيش الإسرائيلى، 60 منهم قُتلوا فى هجمات من الجو. ويعتبر الجيش أن هذا دليل يبرر عملياته فى داخل المدن، لكن فى المقابل، يشيرون فى الجيش إلى أن عدم وجود أفق اقتصادى وعدم وجود فرص عمل، يمكنهما الدفع قدما بانتفاضة ثالثة. ربما تشمل عددا أقل من الفلسطينيين، لكن مَن يشارك فيها سيكون أكثر تسلحا.
• • •
فى هذه الأثناء، حمل اليوم المائة للحرب ارتفاعا فى السخونة فى الشمال، والثمن باهظ حتى فى الجانب الإسرائيلى: لقد أطلق حزب الله صاروخين على كفار يوفال، مع معرفته الأكيدة بوجود سكان هناك، وهو ما أدى إلى مقتل ميرا إيالون وابنها باراك جرّاء القصف، بينما أصيب الأب بصدمة. كما أُطلقت عدة صواريخ مضادة للدروع فى اتجاه منطقة زرعيت فى القطاع الغربى. ردا على ذلك، هاجمت طائرات سلاح الجو مجموعة أهداف عسكرية لحزب الله فى العمق اللبنانى.
فى إسرائيل، وبعد تقديرات للوضع، جرى إغلاق عدة طرقات فى العديد من المناطق. وبدت مداخل المستوطنات كأنها منطقة قتال. ووفقا لأرقام الجيش، أُطلق أكثر من ألفى صاروخ من لبنان على الأراضى الإسرائيلية منذ بداية الحرب. للمقارنة، خلال حرب لبنان الثانية [حرب يوليو 2006]، بلغ عدد الصواريخ أقل من 4 آلاف صاروخ.
يدرك الجيش أن قصف كفار يوفال هو حادث خطِر، والرد سيستمر كما أوضح الناطق بلسان الجيش قبل أيام، الذى جاء بعد خطاب حسن نصر الله، والذى أعلن فيه أن الهجمات ستستمر ما دامت الحرب فى غزة لم تتوقف. ومع ذلك، يبدو أن الطرفين غير معنيَين بتغيير المعادلة.
• • •
فى غزة، وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية الصارمة، فإننا ما زلنا نرى عودة المواطنين والمواطنات إلى شمال القطاع. بالإضافة إلى ذلك، كشف الجيش عن أرقام تشير إلى أنه على الرغم من الضربات القاسية التى تلقتها «حماس»، فإن أغلبية المقاتلين وكبار قادة الحركة لا يزالون على قيد الحياة. عشية الحرب، كان يبلغ تعداد المقاتلين نحو 30 ألف مقاتل، قُتل 9 آلاف تقريبا (أقل من الثلث)، لكن جرى القضاء على قياديَين برتبة جنرال، فضلا عن 19 برتبة قائد كتيبة، والبقية قادة سرية وأقل.
بلغ عدد الأهداف التى هوجمت 30 ألفا، وأُطلق أكثر من 9 آلاف صاروخ من غزة على إسرائيل. ويبلغ عدد الجنود الذين سقطوا منذ 7 أكتوبر، بينهم الذين سقطوا فى ذلك اليوم، 522 قتيلا. بينما قُتل فى العملية البرية 188 جنديا. يجب على نتنياهو وجالانت أن يدركا جيدا أن هذه الأرقام أهم بكثير من العداء القائم بينهما.