هرمون الحب.. يداوى القلب من جراحه
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 17 فبراير 2023 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
فبراير شهر الاحتفال بعيد الحب وتبادل الورود والتهادى بأشكال «الدباديب» رغم أن الحب فى الواقع لا يحتاج إلى عيد إذ إنه شعور آسر يفوق الشعور به أى مظاهر للاحتفال فهو عيد العمر للإنسان إذا جاء صادقا نقيا قويا حقق للإنسان توازنا يدعم وجوده فى الحياة وأمده بطاقة إيجابية تدفعه لحبها والتمسك بها.
للحب أدواته التى يستعملها لتحقيق أهدافه منها هرمون «الأوكسيتوسين» الذى يصفه العلم بهرمون الحب، إذ إن منسوبه يرتفع فى الدم من خلال أنشطة تربط العقل بالجسم فى صورة غالبا ممتعة.
ضمن مقالات وتقارير كلية طب هارفارد لصحة المرأة وردت مقالة هامة عن الأوكسيتوسين تصفه بأنه يساعدنا على الارتباط بمن نحب وأن منسوبه فى الدم يزيد من خلال اللمس والموسيقى والنشاط البدنى.
وهو هرمون يتم إنتاجه فى منطقة «تحت المهاد» فى المخ وتتحكم فى إفرازه الغدة النخامية ووظيفته الأساسية فى تسهيل عملية الولادة الطبيعية والمسيطرة على نزيف الرحم بعد الانتهاء منها لذا أطلق عليه هرمون الحب.
وبمجرد ولادة الطفل يساعد الأكسيتوسين فى نقل حليب الأم خلال القنوات العديدة إلى حلمة الثدى.
تفرز أجسامنا أيضا الأوكسيتوسين عند التهيؤ للعلاقة الزوجية الحميمة.
يضيف العلم أخيرا خاصية فريدة لهرمون الحب فقد طرحت دراسة حديثة لباحثين من قسم بيولوجيا الخلايا الجذعية وقسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة ولاية ميتشجن بالولايات المتحدة ضمن (عدد سبتمبر ٢٠٢٢) نتائج هامة فى مجلة «آفاق علم أحياء الخلية والتطور» تفيد أن الأوكسيتوسين يعزز تنشيط تجديد خلايا القلب بعد الإصابة بجلطة الشرايين التاجية رغم أنه كان من المعروف دائما أن خلايا القلب لا تتجدد إنما يحل محلها الألياف لتشكل ندبة فى عضلة القلب تضعفها وتقلل من حرية حركتها.
يأمل الباحثون أن ما وصلوا إليه قد يكون مبشرا بعلاجات جديدة تنقذ مرضى الجلطات من تبعات كثيرة لها بإضافة هرمون الحب إلى بروتوكولات العلاج الرامية إلى استعادة خلايا عضلة القلب لحيويتها بعد الإصابة بجلطة الشريان التاجى الأمر الذى يعزز الدور الايجابى للحالة النفسية للمريض ويجعله أقرب إلى أحبائه وأفراد أسرته من حوله.
اختبر الباحثون أثر عشرين هرمونا على خلايا عضلة القلب بعد الإصابة بالجلطة فكان هرمون الأوكسيتوسين هو الأقوى والأكثر تميزا فى تحفيز الأنسجة للالتئام وعودة الخلايا إلى طبيعتها وتجديدها الأمر الذى معه تعود القوة لعضلة القلب فى انقباضها وارتخائها فى حركتها الدءوبة مع كل نبضة قلب جديدة.
الأوكسيتوسين يعيد برمجة مجموعات من خلايا عضلة القلب فى الطبقة الخارجية للغشاء المغلف للقلب ويحولها إلى خلايا جذعية تنتقل إلى عضلة القلب ذاتها فى الطبقات العميقة لتصلح التلف الذى حدث وتعيد الحياة إليها بعد موات بإطلاق عوامل للشفاء متعددة تعيد ترتيبا لخلايا وينشأ بينها تبرعم للشرايين الصغيرة. العملية بلاشك بالغة التعقيد لكنها فى تكاملها صورة لمعجزة حيوية تنسج خيوطها فى صمت وهدوء ودأب يرعاه سبحانه بقدراته التى تتجاوز كل الحدود.
أعتقد أن تلك الدراسة العلمية التى تشرح للأذهان كيف يمكن لهرمون الحب أن يطبب قلب الإنسان ويعيد إلى خلاياه الروح بعد موات قد تعد فى حد ذاتها هدية هذا العام لكل المحتفلين بالحب.. وأفراحه.. بل أيضا عذاباته.