شركة إدارة الدولة..!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الجمعة 17 أبريل 2009 - 4:39 م
بتوقيت القاهرة
ماهى حدود مسئولية الحكومة فى إدارتها للدولة، وحدود مسئولية المواطن فى المشكلات والأزمات التى تعانى منها الدولة؟!
تلك واحدة من علامات الاستفهام المثيرة للجدل.. خاصة بعد أن قرر الشعب إخلاء مسئوليته تماما وقرر تحميل الحكومة كل المسئولية لدرجة أن البلطجية، مثل البوسطجية قديما، اشتكوا، فكلما وجه الأمن ضربة حاسمة للبلطجة، يسارع الذين قاموا بالشغب والعنف وضربوا الناس بالشكوى فى الفضائيات من جراء تدخل الأمن.. يحدث ذلك كثيرا.
وحدث مؤخرا حين وقعت اشتباكات بين جماهير الأهلى والاتحاد السكندرى فى مباراة لكرة السلة، وقد باتت تلك الاشتباكات وتحطيم السيارات من المظاهر المصاحبة للمباريات الرياضية، فهل يترك الأمن هذه الفوضى.. أم يتدخل لحماية المجتمع والمال العام؟!
أعود إلى مسئولية الحكومة فى الإدارة ومسئولية الناس.. فعندما تقوم الدولة بإصلاح طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى بتكلفة تصل إلى مليار جنيه، ثم تقرر الحكومة فجأة تحويله إلى طريق حر ويعاد بناؤه من جديد، بتكلفة تصل إلى مليارين أو ثلاث مليارات، فإن تلك مسئولية حكومية يجب أن يحاسب عليها المسئول الذى لا يخطط ولا يفكر فى المستقبل، ويهدر المال بسبب قصر النظر وسوء الرؤية..
لكن حين نرى الإعلام كله والشعب كله يحمل الدولة والحكومة مسئولية حوادث الطرق، فيما يسمى بنزيف الأسفلت، فإن ذلك ظلم بين للحكومة وللدولة، فمن جهة يصل عدد ضحايا الطرق فى المملكة العربية السعودية إلى نفس العدد من الضحايا فى مصر على الرغم من جودة الطرق فى السعودية، وقد أسفرت تلك الحوادث هناك عن مصرع 75 ألف مواطن فى 10 سنوات..
إلا أن الخطأ البشرى وأوله السرعة وراء تلك الحوادث.. وهو نفس السبب فى مصر، فالسرعة من أهم أسباب نزيف الأسفلت.. وفى إحصائية دقيقة جاء أن 80% من حوادث طريق القاهرة ــ العين السخنة الجديد يكون سببها انفجار الإطارات..
والمواطن المصرى لأسباب مادية لا يستطيع تجديد الإطارات كلما انتهى عمرها الافتراضى، لكنه لأسباب تتعلق بجهله بأهمية الإطار ومراجعته، يتسبب فى كوارث على الطرق السريعة، وهنا تقع مسئولية المواطن.
إلا أن مسئولية الدولة تمتد إلى توفير الرقابة على الطرق السريعة، وإنشاء الطرق الجديدة بمواصفات فنية عالية، وهنا أيضا نجد أن الطريق المصرى عموما يعانى من الهزال ومن المطبات، ويفرز اهتزازات لا يمكن أن تجد مثيلا لها فى طرق العالم الآخر..!
المسئولية مشتركة، ودون الشعور بالشراكة بين الحكومة وبين الشعب، فإن القافلة لن تسير، أو سوف تسير أحيانا على الرغم من أنف المعترضين، وسيبقى الاعتراض صاخبا، وزاعقا، مادامت القافلة تمضى فى طريقها، ولا تقف لتسمع الشكوى ولا تهتم بها إن سمعتها..!
المسئولية مشتركة، فى كل شىء، من نظافة الشارع والمنزل والمكتب والملعب إلى حق العلاج والتعليم وشرب المياه النظيفة وبناء محطات الصرف الصحى، ومحطات الكهرباء.. فتلك المشروعات الخدمية العملاقة التى تقيمها الدولة، نحن ندفع تكلفتها بالكامل من حصيلة الضرائب.
وهنا يتجلى دور ومسئولية المواطن الفرد نحو الدولة، فهو ملزم بسداد ضرائبه دون البحث عن وسيلة يهرب بها من واجباته وفى الوقت نفسه على الدولة أن تدرك أن تلك المشروعات الخدمية ليست هدية من الحكومة إلى الشعب، وإنما هى حق الشعب على الحكومة..
ومن أسوأ نتائج هذا الخطاب الإعلامى الموجه للناس.. اعتبار واجبات الدولة البديهية هدية، ومنحة بطريقة: «إحنا بنشربكم وبنأكلكم وبنعلمكم وبنعالجكم على حسابنا»..؟!
كل الحضارات، وكل الدول التى نهضت اقتصاديا وعلميا وثقافيا ورياضيا وحضاريا، حققت ذلك بشراكة بين الحكومة وبين الشعب، دون تلك الشراكة ودون الشعور بالمسئولية المشتركة لن تتحقق النهضة التى نحلم بها لأولادنا.. لكن يبقى السؤال الخطير: لماذا لا يشعر الناس بأنهم شركاء فى إدارة الدولة وشركاء فى المسئولية؟!
.. وإلى حلقة قادمة إن شاء الله..!!!
رد من وزير..
«تلقيت من الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة ردا على ما نشرته هنا بمناسبة الاحتفال بساعة الأرض، وكيف أن تخفيض استهلاك الطاقة يسهم فى توفير الكثير من المال، وكيف أن بعض شوارع القاهرة يترك مضاء نهارا..
ويقول محافظ القاهرة إنه تقرر تخفيض الإضاءة فى بعض الشوارع الجانبية بعد الساعة الثانية صباحا، وأن أجهزته تقوم دائما بحصر كافة السلبيات التى تعانى منها الإنارة العامة، وتم إنفاق 22 مليون جنيه لرفع كفاءتها اعتبارا من 1 يوليو 2008..
وأن المحافظة تقوم بتحديث نظام الولاعات بدلا من الخلية الضوئية متكررة الأعطال والتى تتحكم إلكترونيا فى إضاءة الأعمدة.. ويرحب د. عبدالعظيم وزير بكل من يخطر المحافظة عن الشوارع أو المحاور التى تكون مضاءة نهارا لإصلاحها فورا»
هذا كان تلخيصا لرد محافظ القاهرة الذى يعكس اهتمام المسئول بشكاوى الناس، وبكل نقد يوجه إلى أجهزته، باعتبار أن المصلحة مشتركة، ونحن ندرك حجم الجهد الذى يبذله د. عبدالعظيم وزير الذى يشغل منصب محافظ واحدة من أصعب المدن والعواصم والمحافظات فى العالم..أعانه الله على القاهرة، وأعان القاهرة منا؟