أعزائى المشاهدين: نكتفى بهذا القدر من الثورة
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 17 أبريل 2011 - 11:11 ص
بتوقيت القاهرة
لم يحدث فى أى مكان فى العالم أن يتم التعامل مع هتافات تدافع عن متهم بالقتل والفساد المالى على أنها حرية تعبير. فأن تدافع عن شخص فى أثناء التحقيق معه بتهم القتل العمد والتحريض على القتل واستغلال النفوذ والتربح من خلال المنصب فهذا يعنى أنك منحاز لكل هذه الجرائم التى يجرى التحقيق فيها.
وعليه فمن باب الاستغفال الشديد أن يحاول أحد النظر إلى هتافات تلك المجموعات الصغيرة دفاعا عن الرئيس المخلوع المحبوس حاليا على ذمة تحقيقات تتهمه بقتل المتظاهرين وتجريف ثروة مصر باعتبارها حقا تكفله حرية التظاهر.
فالحاصل أن الرئيس السابق بين يدى جهات التحقيق الآن، ومن ثم فإن هذه التجمعات الفكاهية لأشخاص يهتفون ضد محاكمته تعد نوعا من أنواع التأثير على العدالة وإرباك سلطات التحقيق.
أما أن يساوى البعض بين هتافات الثوار وصرخات الذيول المضادة للثورة فهذا معناه ابتذال واحتقار لمعنى الثورة، فليس كل الغضب نبيلا، فهناك من يصرخ غضبا من أجل الدفاع عن الحق، وهناك من يجأر بالغضب تعصبا وانحيازا للفساد.. ومن هنا يبدو غريبا تعامل بعض وسائل الإعلام مع التجمعات متناهية الصغر التى تدافع عن مبارك على أساس أنها حدث سياسى بينما هى فى أفضل الأحوال تندرج تحت تصنيف «غرائب وطرائف».
إن البعض يتصور أن عجلة الثورة توقفت عن الدوران لمجرد أن الثوار استجابوا لطلب إخلاء ميدان التحرير.. أو لأن التحقيقات بدأت مع مبارك ورموز نظامه، وعليه راح البعض يتصرف بالطريقة القديمة ذاتها، فعادوا لذات الوسائل والمعايير فى الاختيار، من خلال توزيع المناصب والغنائم على الأصحاب والمعارف، وما جرى فى مجلس حقوق الإنسان يصلح كمثال واضح على أن البعض يسلك وفق الصيغ القديمة العفنة.
إن الفترة المقبلة هى الأهم فى مسيرة الثورة، ذلك أنه من الضرورة بمكان تصفية الجيوب الخفية التى تعشش فيها العناصر المضادة للثورة، فليس معقولا أبدا أننا لم نسمع عن إجراء اتخذ مع حركة سفراء الليل التى مررها أحمد أبوالغيط قبيل تنحى الرئيس السابق.. كما لا يستقيم أخلاقيا ومنطقيا أن تستمر الهيئة العامة للاستعلامات فى قبضة رجل أهان الثورة وأهان الصحفيين الأجانب الذين حضروا لتغطيتها.
إن منطق «نكتفى بهذا القدر» لا يصلح فى الثورات، ذلك أن لكل ثورة دورة حياة لابد أن تكتمل، أما أن يرهبنا البعض بأننا بذلك لا نريد للأوضاع أن تستقر.. أو أننا نعطل عودة الحياة لطبيعتها فهذا هو الإسفاف والابتذال بعينهما.. وأظن أن الاستمرار فى كشف الأوكار المضادة للثورة هو واجب على كل مصرى.