زمالك زينهم يكسب

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأحد 17 مايو 2009 - 11:39 ص بتوقيت القاهرة

 على طريقة الثعالب الصغيرة التى تفسد الكروم يتعامل بعض الكتبة مع مشروع تطوير حدائق زينهم، الأمر الذى يختطف هذا المشروع من كونه عملا اجتماعيا وإنسانيا نبيلا إلى مناسبة لممارسة رياضة التملق والنفاق الرخيص، وبما يفرغه من مضمونه الجميل.

وكما حذر المسيح عليه السلام من الثعالب الصغار التى تدخل من الثقوب الصغيرة فتفسد الكروم فى بداية نموه، لا بأس من أن نلفت النظر إلى خطورة تحويل الأمر إلى مجرد مهرجان غير منظم للتحدث بلا أى عقلانية أو موضوعية عن فضائل السيدة سوزان مبارك وأعمالها الجليلة والعظيمة غير المسبوقة والتاريخية بالطبع ــ كما ترى تلك الثعالب الصغيرة ــ وهو سلوك ثعالبى معروف يسىء أول ما يسىء إلى المستهدفين بالنفاق والإطراء أنفسهم.

ولا أتصور أن عاقلا واحدا يمكن أن يقرأ لأحد الثعالب الصغيرة أن «زينهم أصبحت أرقى وأفضل من حى الزمالك العريق» دون أن يضرب كفا بكف على هذه القدرة العجيبة على خداع الذات قبل الآخرين، على نحو يتطلب من علماء النفس فى مصر والعالم كله التداعى لإخضاع هذا التطور الخطير فى مغالطة الذات للبحث والتشريح العلمى.

وأتصور ــ لو قررنا إلغاء العقل والمنطق ــ أن سكان الزمالك يتسابقون الآن للبحث عن أى مشترٍ لشققهم وفيلاتهم ــ بأى سعر ــ حتى يتسنى لهم اللحاق بواحدة من الوحدات السكنية فى حدائق زينهم التى احتفلت السيدة سوزان مبارك بتسليمها إلى مستحقيها نهاية الأسبوع الماضى.

ولو تركنا الخيال يعمل قليلا بربع طاقته لتصورنا هجمة شرسة من سكان الزمالك مصطحبين أمتعتهم وأطفالهم على منطقة زينهم لبدء مفاوضات مكثفة مع مستحقى الوحدات الجديدة لإقناعهم بتبادل الأماكن، بحيث يسكن مواطنو زينهم شارع أبوالفدا، بعد أن يدفع سكان «أبو الفدا» الفرق.

وأتخيل أيضا أن اجتماعا طارئا انعقد للتو لمجلس إدارة نادى الجزيرة للتباحث فى أمر النزوح الجماعى لسكان منطقة الزمالك إلى زينهم، ومن لم يستطع منهم فإلى عين الصيرة أو المدبح، وربما انتهى الاجتماع إلى توصية عاجلة بالبدء فورا بإنشاء نادى الجزيرة فرع زينهم، إتاحة الجمع بين الفرعين فى عضوية واحدة.

ولا يعنى ما سبق أى استهانة أو تقليل من شأن سكان زينهم على الإطلاق، فهم مواطنون مصريون محترمون وشرفاء، كما لا يعنى أى انتقاص من قيمة المشروع الذى تبنته السيدة سوزان مبارك.. هى فقط محاولة لإبعاد الثعالب الصغيرة حتى لا تتحول حياتنا إلى غابة من العبط.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved