مسلسلات رمضان

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 17 مايو 2019 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

خصصنا هذه المساحة الاسبوعية منذ عام تقريبا لتكون الأولى من نوعها لمتابعة ما يعرض على اليوتيوب، من كنوز سينمائية نادرة، وأعمال لا يعرفها أحد، ولم نخرج عن الخط الا مرة واحدة حين كتبت عن فيلم تسجيلى حديث، لكن فى خلال شهر رمضان الحالى بدت أهمية الموضوع وإلى أى حد يلعب اليوتيوب دورا محوريا فى حياتنا.

اليوتيوب هو ساحر العصر، وفى امكانه معالجة جميع سلبيات العروض المزدحمة الكثيرة للمسلسلات والبرامج والاعلانات، فيمكنك مشاهدة المادة الدرامية «مشفية» تماما بدون المقدمة الطويلة والفينالة المتكررة والاعلانات الكثيرة المتشابهة.

لم ينقذنا من جحيم الاعلانات الكبير أثناء شهر رمضان سوى اليوتيوب، اكتشفت هذه الخاصية العبقرية منذ ثلاث سنوات، وتمكنت للمرة الأولى فى حياتى من التخلص من جميع عيوب العروض الدرامية للكثير من المسلسلات، وقد كانت آلية الفرجة من قبل، ربما حتى الآن بدون اليوتيوب، عبارة عن اعلانات تتخللها مشاهد قصيرة للغاية، وغالبا ما تكون المدة المسموح بها لعرض الاعلانات طويلة، ما يثير الملل، فيضغط المرء على الريموت، كى يشاهد أجزاء من مسلسل آخر ليقع فى الحيرة نفسها خاصة أن السلع الرمضانية متشابهة.

أصحاب اليوتيوب اكرمهم الله، خلصونا تماما من الاعلانات، لكن يبدو أن القواعد تغيرت كثيرا مع العروض الدرامية فى القنوات خلال شهر رمضان الحالى، حيث سمعنا للمرة الأولى عن اتاحة الفرص لمشاهدة المسلسلات على اليوتيوب، لكن مقابل اشتراك مالى لمدة شهر، وهذا يعنى أن الشركات لا تحصل على المزيد من الأموال فقط من الشركات المعلنة التى تدفع مبالغ طائلة للنجوم مقابل الظهور فى الاعلان لمدة ثوانٍ، والأمر يحول اليوتيوب إلى قنوات خاصة يمكن استثمارها، ولا شك أن الأمر يحتاج إلى مراجعة، وقرأنا فى المواقع أن هناك عقوبات فنية لتطبيق النظام الجديد، أن تدفع مقابل المشاهدة، وأن الأمر أشبه بألعوبة التحكم فى الشبكة، فى امتحانات الطلاب الكترونيا.

نعم الجديد هذا العام انك سوف تشاهد كل شىء بمقابل وهناك سعر للمشاهدة بالاعلانات، وسعر آخر لمشاهدة المسلسلات على اليوتيوب مشفية بسعر أعلى، هذا يعنى أن اصحاب الاعلانات سوف يخسرون الكثير من المشاهدين، يعنى اعلاناتهم لن تصل إلى الناس جميعا، ولن تتحقق الفائدة الاقتصادية المرجوة.

كل هذا يكون مقبولا لو كان لدى المنتج الاحتكارى أعمال متميزة، لكن من الواضح انها أعمال بالغة الفقر انتاجيا فى الديكورات نفسها، حيث لم تتعدَ مشاهد المسلسلات عن اشخاص فى مواجهة بعضهم يتبادلون الحوار، أو الثرثرة، ولم تخرج دراما هذا العام عن الأماكن المألوفة التى يتم فيها التصوير، فلا ديكورات جديدة ولا ملابس مبتكرة، خاصة أن دراما العام الحالى ليس بها عمل واحد تاريخيا أو خياليا، فالمسلسلات كلها تخلو تماما من الخيال، وهى مستوحاة من صفحات الحوادث وأغلبها يدور فى أقسام الشرطة، وابطال الكثير منها عبارة عن مواطنين يبحثون عن حقوقهم فى امتلاك قطع من الأرض، والكثير من البطلات هاربات يسكنّ فى الفنادق الصغيرة، وبالتالى فالمتفرج العادى لن يخسر الكثير ولا القليل لو لم يشترك فى قنوات اليوتيوب.

يمكن القول إن ما نشاهده الآن بمثابة مسلسل واحد كبير فيه الأبطال أنفسهم، وأننا بالصورة القديمة، ومع سطوة الاعلانات نرى الأشخاص أنفسهم داخل ميدان المسلسلات، وأيضا البرامج الحوارية المتكررة التى تعتمد على نجومنا الذين تناثروا بين الاعلانات والبرامج، التى تنز الأموال.

ما حدث هذا العام يحتاج إلى مراجعة، فقد صارت برامج ومسلسلات رمضان مصدر البهجة للناس ينتظرونها طويلا، واليوم صار على الناس أن تصبح الأمور نفسها مصدر عبء وابتزاز أموال، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة من الدولة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved