هزل الإعلام الأميركى والبريطانى
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 17 يونيو 2017 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف» قال فيه: تابعت نحو ثلاث ساعات استجواب «جيمس كومى»، مدير «مكتب التحقيقات الفيدرالى» (إف بى آى)، ودهشت عندما شاهدت بعد ذلك تقرير مراسلة «بى بى سى» فى واشنطن عن الاستجواب، وما كان ينبغى أن أدهش! فالمراسلة الغارقة فى فيض المعلومات لم يتوفر لها الوقت، ولا المزاج ربما لمتابعة الاستجواب، فاستعانت بما تسمى فى الإعلام الغربى «قضمة»، أى «نتفة» عن الموضوع. و«النتف» هزل الإعلام الأميركى والبريطانى فى الهيمنة، بتحويل الأحداث إلى «نتف» يبتلعها الجمهور بيسر ولا يختنق بها، إلا عندما «تقف فى البلعوم»، كانتخاب «ترامب» رئيسا لأمريكا، أو فشل زعيمة حزب المحافظين فى الحصول على الأصوات التى تسهل لبريطانيا مأزق الخروج من «الاتحاد الأوروبى».
الهزل فى الإعلام كالفساد فى الاقتصاد، يقع عندما تفيض الخيرات وتشح معايير توزيعها، فليست «النتفة» كما يفترض أن تكون «فحوى» موضوع تفيض بمعلوماته قنوات الإعلام الإلكترونى، وليس مصادفة أن تكون بطلة الهزل الإعلامى العالمى أمريكا.
الهزل الهازل حملات الإعلام الأميركى والبريطانى ضد الاتحاد السوفييتى والشيوعية، وكلاهما لم يعد له وجود، والهزل الآخر فى التعامل مع «ترامب» كمنقذ من الثورة الإعلامية التى انتهت بالكساد الإعلامى، فالثورة الإلكترونية التى وضعت العالم بين أيدى الجميع مكنتْ أى شخص موهوب من أن ينافس أجهزة الإعلام الكبرى. لا أذكر كيف ظهر «جوناثان باى» على شاشة هاتفى «الآيفون» يختتم رسالته التلفزيونية أمام بناية البرلمان البريطانى صبيحة الإعلان عن نتائج الانتخابات. بدا المشهد كما لو أن من فى الاستديو نسى أن يغلق البث، و«باى» يستحثهم أن يدعوه يذهب إلى منزله، فكل ما يريده الآن هو النوم، ويتلفظ بشتائم على النتائج الهزلية للانتخابات، التى أسفرت عن فوز حزب المحافظين الحاكم الذى خسر 13 من مقاعده فى البرلمان المنصرف، وخسارة حزب العمال، الذى فاز بـ30 مقعدًا. ويقفز «باى» ويرقص بعصبية، وهو يستعيد معارك خاضها «كوربين»، زعيم «حزب العمال»، ليس ضد المحافظين، بل ضد من يسمون «العمال الجدد»، جماعة رئيس الوزراء السابق تونى بلير، الذى يهدده «كوربين» بالمحاكمة عن جريمة غزو العراق. واسم «باى» الحقيقى «توم ووكر»، وهو كوميدى بريطانى يسارى حقق شهرة عالمية بأسلوبه الهزلى، وتنافست على تشغيله فضائيات عالمية، وحظيت به الفضائية الروسية «آر تى».
ويأخذ البريطانيون الهزل بأقصى الجد، وإلا كيف أمكن أن يعقدوا خلال نحو سنتين انتخابات برلمانية مرتين واستفتاء عاما، وفى كل مرة يخطئ السياسيون والصحفيون تماما فى توقع نتائجها. «الكلاب لا تأكل الكلاب»، استهل بهذه العبارة الصحافى البريطانى «نيك ديفز» كتابه الواسع الرواج «أخبار الأرض المسطحة»، وفيه فضح الإعلاميين بالأسماء، وقال: «أنا مضطر للاعتراف بأننى أشتغل فى مهنة فاسدة». ووصف كيف انتهت «مهنة تقديم الحقيقة بالإنتاج الجماهيرى للجهل». وكشف عن سماح صحف مرموقة للمخابرات الأميركية والبريطانية بتحرير أعمدتها، وصحف تدعو لتطبيق القانون، فيما هى تدفع رشاوى نقدية لتحريف الحقائق. وذكر أن صحيفة «الديلى تلغراف» حققت سبقا عالميا عندما نشرت تحقيق مراسلها فى واشنطن، الذى أورد تفاصيل عملية إعدام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين قبل إعدامه بست ساعات، وما كان سينفضح، لولا أنه أرفقه بصورة ظهر زيفها عند تسريب مشاهد الإعدام الحقيقى!