أبانا الذى فى المجلس العسكرى
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأحد 17 يوليه 2011 - 9:24 ص
بتوقيت القاهرة
أراد اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكرى أن يكحل عملية «إصبع الفنجرى» فعماها تماما، وجاء تبرير شاهين أقسى وأفدح بكثير من فعل الفنجرى.
اللواء شاهين قال للمحرر العسكرى فى «الشروق» بالعدد الصادر أمس الأول الجمعة مبررا تصرف اللواء الفنجرى ما يلى «رجل له ابن يدرس ويحضه كل فترة على المذاكرة قائلا له: ذاكر يا حبيبى علشان خاطرى» ثم عندما اقترب موعد الامتحان تخلى عن نبرته السابقة وقال له «ما تذاكر بقى».
و لابد أنك توقفت مثلى عند مفهوم العلاقة بين المجلس العسكرى والشعب المصرى من منظور اللواء شاهين، فسيادته يعتبر أنها علاقة أبوية، الشعب فيها هو العيل الذى لا يعرف مصلحته مما يضطر المجلس «الأب» للتدخل العنيف أحيانا، تارة بالإصبع وربما أخرى فيما بعد بصفعة على الوجه.
وبصرف النظر عن أن الأساليب التربوية الحديثة ودعت إلى غير رجعة أدوات العقاب البدنى، بل وصارت مجرمة إنسانيا وقانونيا، فإن الأهم والأولى بالرصد هنا أن سيادة اللواء يرى الشعب المصرى مجرد تلميذ مهمل لا يعرف واجباته، وفى حاجة ماسة إلى سلطة أبوية تقمعه أحيانا وتعيده إلى جادة الصواب.
ولقد انتظرت فى العدد التالى من «الشروق» أن يصدر توضيح من المجلس العسكرى لهذه التصريحات، أو حتى تكذيب، أو اتهام للمحرر بأنه لم يفهم فحوى التصريح، غير أن شيئا من ذلك لم يحدث، وهنا نكون أمام إشكالية (أحاول قدر الإمكان ألا أقول كارثة) فى رؤية المجلس العسكرى للشعب، إلا إذا كان اللواء شاهين يعتبر أن الملايين التى خرجت فى 8 يوليو تزأر بمطالب مشروعة وتجأر بالشكوى من التباطؤ والتراخى ليست من الشعب، وإنما مجموعة من التلامذة الهاربين من الإصلاحية.
ولابد أن الكل يتذكر كيف كان الحكام السابقون واهمين عندما نحوا مفهوم المواطنة جانبا، ووضعوا بدلا منه مفاهيم عائلية وأسرية سلطوية، فكان السادات يعتبر نفسه «رب العائلة المصرية» ومبارك كان يرى فى نفسه أبا للشعب المصرى كله، وبالتالى تكون معارضة الأب والاحتجاج عليه والتظاهر ضده نوعا من المروق وقلة الأدب تتم مواجهتها بالضرب والقمع والحرمان من الحقوق الأساسية.
ولذلك فإننى أربأ بالمجلس العسكرى الذى دخل شريكا فى الثورة التى فاجأه بها الشعب المصرى، وأنجحها وأنجزها بتضحيات أبنائه من الشهداء والمصابين، أربأ به أن يتعامل مع الأمة المصرية بهذه النظرة الأبوية الفوقية، التى كما أسلفت تلتقى مع رؤية نظامى السادات ومبارك والتى ثبت هزلها وهزالها، فى حادث المنصة 1981 وثورة يناير 2011.
إن ثورة المصريين رفعت شعارا جميلا وبديعا هو «الجيش والشعب إيد واحدة» فلا يصح أبدا أن تصبح اليد الواحدة يدين، الأولى قامعة وضاربة، والثانية مقموعة ومضروبة، وإلا تكون المعادلة كارثية.
ويبقى أن جمعة أمس الأول أثبتت لكل ذى عينين وعقل أن مصر الحقيقية موجودة فى ميادين الاعتصام، بعد أن سقطت أوهام وأكاذيب ما أسموها الأغلبية الصامتة فى روكسى، عندما خرج عدد أصابع اليدين فى «مليمية دعم المجلس العسكرى» ردا على «مليونيات إنقاذ الثورة».. وبالتالى فالشعب ليس تلميذا.. الشعب هو المعلم والأستاذ !