تركيا وتصفير المشكلات
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأحد 17 يوليه 2016 - 9:55 م
بتوقيت القاهرة
يبدو أن تركيا لن تتوقف عن إطلاق المفاجآت على الصعيدين الداخلى والخارجى، بهدف تهيئة الرأى العام لما يشبه «الانقلاب الناعم» على علاقاتها بالعالم وسياساتها الخارجية التى أحدثت ضررا بالغا لها فى السنوات الأخيرة، وبات من الواضح أنها تتجه للقيام بتحولات سياسية كبرى بخطوات حذرة ومدروسة، عبر تمهيد إعلامى وإطلاق «بالونات الاختبار» لجس نبض الدول المجاورة، فى محاولة لـ«تصفير» مشكلاتها مع الإقليم.
فبعد تطبيع علاقاتها مع روسيا والكيان الصهيونى، أرسلت أنقرة إشارات عديدة حول رغبتها فى التصالح مع كل دول الجوار بما فى ذلك مصر والعراق وسوريا، والعودة إلى سياسة «صفر مشكلات» بعد أن وصلت حالة العداء إلى نسبة 100% مع هذه الدول. لكن اللافت فى ذلك كله، هو سرعة هذا التحول والانتقال من النقيض إلى النقيض، والأكثر مدعاة للدهشة والجدل هو استعداد أنقرة للتخلى عن الكثير من ثوابت سياساتها فى السنوات الأخيرة، كالإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد كشرط لإصلاح العلاقات مع سوريا، أو إعادة الاعتبار لـ«الإخوان» فى مصر، أو التعامل مع العراق بمنطق الدولة وليس الساحة المفتوحة لإرسال قواتها إلى هناك من دون إذن ولا تنسيق مع الحكومة المركزية.
غير أن من يراقبون سياسات تركيا منذ وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى الحكم، يدركون قدرة الرئيس رجب طيب أردوغان على انتهاج سياسة التحولات السريعة، والإطاحة بكل الخصوم، وصولا إلى وضع بن على يلدرم، فى منصب رئيس الوزراء، والذى قيل إنه لا يتحدث لغات أجنبية، ولا يستطيع أن يتحدث فى السياسة الخارجية إلا بعد استشارة أردوغان. ومع ذلك ها هو يلدرم يتحدث عن تغييرات تكاد تكون جذرية فى السياسة التركية، فقد أعطى إشارات واضحة على رغبة أنقرة فى تطبيع العلاقات مع دمشق، معتبرا أنها «ضرورية وملحة»، وإن كان يلدرم حاول طمأنة المعارضة السورية بألا تغيير تجاهها، فهناك من يتحدث عن وساطة جزائرية بين أنقرة ودمشق. وهناك فى أوساط المعارضة التركية من يتحدث عن اتصالات سرية ووفود استخباراتية ودبلوماسية تذهب فى الاتجاهين، بينما كشفت صحيفة «فورين بوليسى» عن وجود قناة سرية تعمل على تطبيع العلاقات بينهما. وبغض النظر عما وصلت إليه هذه الاتصالات والوساطات، إلا أنها تعطى مؤشرا على أن ثمة شيئا ما فى طريقه إلى التغيير. وهناك أسباب وراء هذا التغيير، إن حدث، منها ما يتعلق بتأثير روسى ما على أنقرة بعد تطبيع العلاقات، ومنها ما يتعلق بفشل مشروعها فى الشمال السورى. لكن الأهم من ذلك هو الخطر الكردى الذى بات يهدد جنوب البلاد، والذى تجد أنقرة أن مصلحتها باتت تفرض عليها التعاون مع النظام السورى لضمان عدم قيام دولة كردية يرجح أن تمتد إلى داخل أراضيها، بعدما أصبح الأكراد يحظون بدعم روسى أمريكى على حد سواء.