عودة نظام الأسد إلى السيطرة على هضبة الجولان
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 17 أغسطس 2018 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
توشك الحرب الأهلية فى سوريا على الانتهاء. قوات بشار الأسد، التى توقّع وزير الدفاع السابق إيهود باراك انهيارها الأكيد بعد نشوب الثورة السورية فى ربيع 2011، أصبحت اليوم أقوى وأكثر ثقة بالنفس. ونجح النظام بمساعدة الدعم الروسى الجوى والدعم الكبير للميليشيات التى تدور فى فلك إيران، وخصوصا حزب الله، فى فرض سيطرته على ثلثى أراضى الدولة، ودمّر بصورة منهجية قوات المتمردين (وفى الوقت عينه، ذبح مئات الآلاف من المدنيين السوريين الأبرياء).
مؤخرا سيطر النظام على هضبة الجولان كلها، بدءا من منطقة دمشق وصولا إلى الحدود الأردنية فى الجنوب والحدود الإسرائيلية فى الغرب. آلاف السكان المحليين فروا فى اتجاه السياج الحدودى مع إسرائيل التى، بدورها، قدمت لهم المساعدة من خلال توفير الغذاء والدواء، وحتى نقلت لاجئين مدنيين إلى الأراضى الأردنية، وبذلك أنقذتهم من موت محتم.
من المثير للاهتمام أن التطورات الأخيرة حدثت بعد مشاورات سرية مع إسرائيل. ففى منتصف يوليو زار وزير الخارجية الروسى إسرائيل يرافقه رئيس أركان الجيش ومجموعة من كبار الضباط من أجل تنسيق روسى ــ إسرائيلى للعمليات العسكرية فى سوريا. وهذا يمثل خطوة متقدمة فى الحوار الإسرائيلى ــ الروسى المستمر بشأن النزاع فى سوريا. وقد جرى التوصل إلى تفاهم يتعلق بإعادة انتشار الميليشيات الدائرة فى فلك إيران ومستقبل وجودها فى سوريا.
منذ سنوات تخوض إسرائيل حملة واسعة ضد تمركز طهران العسكرى فى سوريا، سواء بواسطة الميليشيات الشيعية أو من خلال تزويد حزب الله بمنظومات سلاح متقدمة. والرد الإيرانى الضعيف على مئات الضربات الجوية الإسرائيلية (غير المعلنة) خلال هذه الفترة هو بالتأكيد مؤشر إلى عدم قدرتها على مواجهة التفوق العسكرى الإسرائيلى.
فى الأشهر الأخيرة تصاعدت الحملة وتطورت إلى مواجهة مباشرة بين القدس وطهران أخذت شكل ضربات متبادلة بين الجيش الإسرائيلى وفيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى الذى ينشط فى سوريا قُتل خلالها عشرات الجنود والضباط الإيرانيين. وبينما يؤشر التصعيد إلى استعداد إسرائيل للدخول فى مواجهة مباشرة مع طهران من أجل تحقيق هدفها الاستراتيجى أى إنهاء الوجود العسكرى فى سوريا، يبدو أن إسرائيل راضية حتى الآن عن تنفيذ موسكو تعهدها على إبعاد هذا الوجود العسكرى عن الحدود مع إسرائيل.
فى الوقت عينه، فإن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى المبرم سنة 2015 وإعادة فرض العقوبات الدولية يمكن أن يلجما توسّع طهران الإقليمى ويدفعاها إلى إعادة دراسة وجودها العسكرى فى سوريا. كما يمكن أيضا أن يدفع قدما بعملية تململ داخلى يمكن أن تؤدى إلى سقوط النظام الإسلامى، الأمر الذى يبدو مستبعدا.
فى ضوء هذه الظروف تُعتبر استعادة نظام الأسد السيطرة على هضبة الجولان السورية مفيدة استراتيجيا لإسرائيل، وخصوصا فى ضوء التفاهم مع موسكو، والموافقة الضمنية لدمشق، بأن الوضع على الحدود الإسرائيلية ــ السورية سيعود إلى الوضع القائم وفقا لقرار فصل القوات العائد إلى مايو 1974. خلال الأربعين عاما التى أعقبت توقيع اتفاقية فصل القوات وحتى نشوب الحرب الأهلية كانت هناك حالة سلام أمر واقع على طول الحدود الإسرائيلية ــ السورية.
فى ضوء الضعف الذى أصاب القوات السورية المسلحة خلال الحرب الأهلية والدمار الذى حلّ بالشعب السورى، إذ قُتل نحو نصف هذا الشعب أو جُرح أو أصبح لاجئا، يحتاج الأسد إلى التركيز على استعادة قبضته وإعادة إعمار البلد وضمان استمرار حكم الأقلية العلوية الصغيرة. فى ضوء هذه الظروف فإن المواجهة العسكرية مع إسرائيل لن تحقق أى أرباح ممكنة، لكن من المحتمل أن تعرّض تعافى النظام الهش للخطر.
يتسحاق ديغانى
محاضر فى قسم العلوم السياسية فى جامعة بار
مركز بيجن – السادات
مؤسسة الدراسات الفلسطينية