من يفضل الشرق الأوسط.. هاريس أم ترامب؟

خالد أبو بكر
خالد أبو بكر

آخر تحديث: الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 - 6:45 م بتوقيت القاهرة

ربما صار الحديث عن أى المرشحين للرئاسة الأمريكية هو الأفضل بالنسبة للشرق الأوسط عموما والعالم العربى خصوصا طقسا من الطقوس التى لم تكف عن ممارستها الأجيال المتعاقبة فى تلك المنطقة المثخنة بالجراح على الدوام، وهو أيضا سؤال مطروح بقوة فى المناطق الجغرافية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبى وفى روسيا والصين وغيرها من مناطق ودول العالم؛ بالنظر لخطورة المنصب الذى سوف يشغله أحد المرشحين وهو رئاسة الدولة الأكثر تأثيرا فى العالم، وإن تراجعت تلك الصفة نسبيا مع عودة أقطاب أخرى إلى المسرح العالمى بعد أن توارى لسنوات، كما فى الحالة الروسية أو مع ظهور لاعبين جدد عبر زحف التنين الصينى إلى المزاحمة على قمة هرم النظام الدولى.

استمرارا فى ممارسة هذا الطقس.. أطرح فى هذه المساحة ذات السؤال: من يفضل الشرق الأوسط.. هاريس أم ترامب؟

والشرق الأوسط الذى أعنيه هنا هو العالم العربى وتركيا وإيران وإسرائيل.

***

 فى محاولة الإجابة على السؤال المطروح سوف أؤجل العالم العربى إلى النهاية.. ولتكن البداية بتركيا.. وهنا يمكننى أن أقول إن الرئيس رجب طيب أردوغان يتمنى عودة ترامب قولا واحدا، فخلال أكثر من 20 عاما له فى السلطة، واجه أردوغان أربعة رؤساء أمريكيين (جورج دبليو بوش، أوباما، ترامب، بايدن) كان أسوأهم بالنسبة له بايدن لأنه انتقد بقسوة السياسة الداخلية لأردوغان، ولم يدعُه قط إلى زيارة واشنطن. حتى إن الرئيس التركى اتهم نظيره الأمريكى بالرغبة فى الإطاحة به.

وعلى النقيض من ذلك  فقد زار الرئيس التركى ترامب مرتين خلال رئاسته السابقة للولايات المتحدة، وتحدث الاثنان كثيرًا عبر الهاتف. وكان أردوغان أحد كبار السياسيين الدوليين القلائل الذين اتصلوا بترامب لدعمه والاطمئنان عليه بعد محاولة الاغتيال التى تعرض لها فى يوليو الماضى. 

أما إيران فهى على النقيض من تركيا تتوق لفوز مرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس؛ فطهران لم تنس أن ترامب قد انسحب من خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة باسم «الاتفاق النووى الإيرانى» فى سنة 2018، الذى كانت إدارة أوباما قد وقعته معها فى سنة 2015، فى محاولة لاحتوائها وفرملة اندفاعها نحو امتلاك السلاح النووى المخل بموازين القوى فى الشرق الأوسط ولخطورته على أمن إسرائيل من وجهة النظر الأمريكية، ولا يترك ترامب مناسبة فى حملته الانتخابية الحالية إلا ويتوعد إيران بالحصار والإفقار، ويقول على الدوام إن إيران فى قت رئاستى كانت شديدة الفقر ولم يكن لديها أموال لتعطيها لحلفائها فى العالم العربى ليشنوا حربا على إسرائيل.

لكل ذلك فإن فوز هاريس وإزاحة شبح ترامب سوف يكون خبرا سارا لإيران التى انتخبت للتو رئيسا هو مسعود بزشكيان الذى يصنف على أنه إصلاحى، ويكرر رغبته فى الحوار مع الغرب عوضا عن التصعيد ضده، وسوف تكون هاريس هى المستعدة لذلك الحوار استمرارا لسياسة الديمقراطيين مع طهران منذ عهد أوباما.

***

بالنسبة لإسرائيل فإن المفاضلة ليست سهلة بالنظر إلى كونها تختار بين خيارين كلاهما حلو، فهى أمام ترامب المتبنى الأكبر لتلك الصفقة المشبوهة التى تسمى «صفقة القرن» خلال فترة رئاسته السابقة، والرئيس اتخذ قرارا تردد فيه كل الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فضلا عن موافقته ضم إسرائيل الجولان السورى المحتل.

وفى نفس الوقت فإن إسرائيل أمام وريثة جو بايدن الذى ترك لها الباب على مصراعيه لممارسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى فى غزة، وقدم لها كل الدعم الممكن سواء عسكريا أو سياسيا فى الأمم المتحدة وعبر نفوذه الممتد حول العالم.

لكن فى المجمل إسرائيل تفضل ترامب، فهو رجل فى دعم تل أبيب لا يعترف بأنصاف الدعم أو ثلاثة أرباعه، وليس لديه سقف محدد تحت بند التوازن الدولى.. فمن غير المرجح إتيانه بأى سياسة غير التشدد المفرط تجاه إيران، ودعم المشروع الإسرائيلى فى تقطيع أوصال غزة والتهام الضفة الغربية.

***

فيما يخص الدول العربية، يستطيع المراقب أن يقول إنها تتعامل مع كلا المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة هذه المرة بسياسة الصمت الشديد، وعدم الحديث تصريحا أو تلميحا لميل كل دولة إلى مرشح بعينه، لكن إذا فتشت فى جوف كل حكومة عربية ستجد أن فيها شغفا بدونالد ترامب مثل تركيا، وذلك لسبب مفصلى وهو أنه لا يدس أنفه فى الشئون الداخلية للدول، على خلاف الديمقراطيين الذين لا يجدون غضاضة فى ذلك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved