هل تنخفض أسعار العقارات؟

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 - 6:45 م بتوقيت القاهرة

 لست خبيرًا اقتصاديًا، لكنى أتحدث عن حال العقارات فى مصر من منظور اجتماعى أوسع، يأخذ فى اعتباره الأبعاد الاقتصادية. يتحدث كثير من الخبراء عما سموه «الفقاعة العقارية»، وهى ارتفاع أسعار العقارات على نحو غير مبرر، ويتوقعون انفجار هذه الفقاعة.

بداية يصعب تحليل الوضع الاقتصادى فى المجتمع المصرى، لأنه لا يوجد تحديد دقيق للشرائح الاجتماعية التى تمتلك الثروة، ولاسيما أن جانبًا لا بأس به من النشاط الاقتصادى يدار فى السوق الموازية، وجانب آخر يجرى عن طريق السوق الرسمية، ولكن دون حصر أو إثبات. وهناك قطاعات من المجتمع غير معروف على وجه التحديد مصادر ثرواتها، أو دخلها. ويبدو أن هذه الشرائح تتجه إلى شراء عقارات، وهو ما تفاجئنا بها أرقام المبيعات لعدد من المشروعات العقارية. وبالتالى، فإن أى حسابات اقتصادية لحال العقارات فى مصر قد لا تكون دقيقة. هذا فضلا عن وجود أموال عربية فى السوق العقارية تعوض نقص القدرات الشرائية للمصريين، وقد توافدت على مصر عدة موجات من المقيمين العرب عراقيين، وسوريين، وسودانيين، وغيرهم، مما أحدث تغيرًا فى السوق العقارية على صعيدى تملك العقارات وتأجيرها. وليست مصر استثناء فى ذلك، بل شهدت الأردن فى وقت من الأوقات ارتفاعات فى أسعار العقارات نتيجة انتقال الكثير من العراقيين إليها فى أعقاب غزو العراق فى عام 2003، ولم تتراجع أسعار العقارات بعد ذلك.

ويظل السؤال الذى يشغل الناس: هل سوف تنخفض أسعار العقارات فى مصر؟ أظن أن الإجابة بالنفى لعدة اعتبارات ظاهرة الآن أهمها ارتفاع عاملين أساسيين يتحكمان فى أسعار العقارات هما أسعار الأراضى، وتكلفة البناء. من ناحية أسعار الأراضى، فإن الندرة النسبية تحكم حركة الأسعار التى تواصل ارتفاعاتها، ولم يحدث ــ فى حدود علمى ــ أن انخفضت أسعار الأراضى فى أى مرحلة فى تاريخ مصر الحديث، ويكفى أن نستمع إلى قصص الناس العاديين الذين يتحسرون على عدم شراء أراض فى العقود الماضية، وهم يرون ارتفاعاتها المتوالية على مدار عقود. أما فيما يتعلق بتكلفة البناء فإن الأسعار مرتفعة إذا قورنت بخمس أو عشر سنوات سابقة، ويقصد بتكلفة البناء ليس فقط الحديد والأسمنت، ولكن مستلزمات الكهرباء، والخشب، والألوميتال، وغيرها وكثير منها مستوردة، أو يدخل فى تصنيعها مكونات مستوردة، ومع ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه من غير المتوقع انخفاض أسعار العقارات، وقد بات الدولار ذاته أداة تقييم فى تحديد سعر الأصول العقارية. يضاف إلى ذلك أنه لا يخلو إنتاج أو التجارة فى مستلزمات البناء عامة من ممارسات احتكارية تسهم فى رفع الأسعار. وقد أدت موجات التضخم المتعاقبة إلى ارتفاع أجور العمال والفنيين الذين يعملون فى مجال البناء، وهو ما يشكل سببا إضافيا لارتفاع أسعار المبانى.

إذن أهم عاملين فى سعر العقارات فى ارتفاع مضطرد، وبالتالى سوف تظل أسعار الوحدات السكنية، باختلاف أحجامها وأشكالها، فى ارتفاع، طالما أن هناك من يبيع، وهناك من يشترى. والحديث عن ركود حركة العقارات يحتاج إلى مراجعة، وإلا لماذا يزداد الاستثمار الخاص ــ وليس العام فقط ــ فى السوق العقارية؟

ومما يلفت أن امتلاك أو استئجار سكن فى مصر يرتبط بأذواق المستهلك وتفضيلاته. هناك مناطق شعبية فى قلب القاهرة تصل فيها أسعار العقارات إلى معدلات فلكية، لأن المتاح من أراضى البناء محدود، وهناك طلب متزايد من الناس عليها. وهناك مدن جديدة تشهد هذه الظاهرة أيضا، أو على الأقل فى بعض أحيائها. وإذا أخذنا فى الاعتبار تراجع سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، فإن البعض يتجه إلى شراء ذهب أو دولار أو عقارات لحفظ قيمة أمواله، وهم يدركون أنه استثمار طويل الأمد، ويعلمون أن تدوير الأموال التى وضعت فيها ليس سهلا أو سريعًا. ومما يلفت أن بعض خبراء الاقتصاد هم الذين ينصحون المصريين بشراء عقارات أو ذهب لمواجهة تراجع قيمة الجنيه.

مرة أخرى أنا لست خبيرا اقتصاديا، ولا أدعى ذلك، لكنى أظن أن أسعار العقارات لن تنخفض. قد تحدث تسهيلات فى البيع والشراء، ولكن الأسعار سوف تواصل ارتفاعها، ولا توجد فى الأفق مؤشرات تشير إلى عكس ذلك، وبالطبع تظل هناك أزمة فى التنبؤ الاقتصادى فى مجتمع يخلو من الإحصاءات فى بعض المجالات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved