مفهوم جديد.. التحايل الإيجابى
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الإثنين 17 نوفمبر 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
أما المراد من مفهوم «التحايل الإيجابى» فهو مساعدة قطاعات طلابية وشبابية كثيرة على مواجهة الإحباطات المتراكمة التى تفرضها عليها إما إجراءات عقابية وممارسات قمعية ضحاياها طلاب وشباب يبحثون بسلمية عن مصر عادلة ومتقدمة أو الابتعاد عن تحول ديمقراطى وسيادة للقانون وقيم حق وحرية ومواطنة يتمناها الطلاب والشباب على نحو أعمق من قطاعات سكانية أخرى أو أوضاع اقتصادية واجتماعية ومعيشية ضاغطة أو تهميش مستمر للطلاب والشباب حين تناقش قضايا الوطن من تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومواجهة الإرهاب والعنف بينما هم يريدون الإسهام الفعال فى دفع المواطن والمجتمع والدولة إلى الأمام ويبحثون عن تخليصنا من شرور التخلف والجهل والظلم والإرهاب والفساد.
وأما الافتراض الكامن من وراء استخدام مفهوم التحايل الإيجابى فهو من جهة أولى كون مسببات الإحباطات التى تعانى منها القطاعات الطلابية والشبابية لن تزول قريبا وربما كانت مرشحة للتفاقم ما لم تتجاوز السلطة التنفيذية معادلاتها الصفرية الراهنة باتجاه الطلاب والشباب والمجتمع المدنى والمجال العام وبالقطع ضمانات حقوق وحريات الناس، ومن جهة ثانية كون واقع المواطن والمجتمع والدولة فى مصر بأزماته وتحدياته المتعددة لا يحتمل تهجير الشباب من مناحى العمل العام أو التضحية بطاقاتهم وفاعليتهم الضرورية لصناعة حاضر ومستقبل أفضل وإن لم تدرك ذلك الدوائر المؤثرة فى السلطة التنفيذية أو لم تجر بعد الخط على استقامته بالربط بين إحباطات الطلاب والشباب وبين المظالم وغياب العدل والابتعاد عن مسار تحول ديمقراطى، ومن جهة ثالثة كون العمل العام يستعصى على الاختزال فى سياسة أميتت ومجتمع مدنى يواجه القيود وإعلام أحادى ويواصل فتح الكثير من الساحات التى يمكن بها توظيف الطاقات التطوعية والمهنية للطلاب والشباب بعيدا عن تغول السلطة التنفيذية ويمكن بها الانتصار للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الطفل وحقوق ذوى الاحتياجات الخاصة وبعض الحريات الشخصية والمدنية وكذلك الإسهام فى مواجهة أزمات التخلف والجهل والأمية والفقر وهى جميعا تجعل من بعض البيئات المجتمعية بيئات قابلة للتطرف وللإرهاب.
وأما جوهر مفهوم التحايل الإيجابى فهو أولا أن تمزج القطاعات الطلابية والشبابية اليوم فى مصر بين معارضتها السلمية للمظالم وانتهاكات الحقوق والحريات وغياب العدل والابتعاد عن التحول الديمقراطى وضعف إجراءات التنمية المستديمة والعدالة الاجتماعية وبين البحث الجاد عن ساحات للعمل العام تستطيع بها توظيف طاقاتهم وفاعليتهم لمصلحة المواطن والمجتمع والدولة، وثانيا أن تدار عملية البحث عن الساحات هذه من قبل الطلاب والشباب على نحو يضفى أهمية نوعية على الصغير والجزئى والعملى من الأفكار والمبادرات والاجتهادات ــ لا تقل أبدا أهمية المبادرات التطوعية لمحو الأمية ومقاومة الفقر والحد من آثاره المدمرة فى الحضر والريف ونشر قيم المعرفة والعلم والعقلانية فى أوساط متنوعة عن أهمية الأنشطة الطلابية والشبابية المخصصة للدفاع عن الحقوق والحريات الشخصية والمدنية والسياسية وتوعية الرأى العام بسلمية بملفات المعتقلين وضحايا قانون التظاهر وضحايا الفصل النهائى من الجامعات المصرية وضحايا ممارسات قمعية أخرى.
لا تحتمل مصر التى نريد لمواطنيها الحرية والأمن ولمجتمعها السلم والتقدم ولدولتها العدل والقوة المزيد من تراكم إحباطات الطلاب والشباب، ومسئوليتهم بجانب المطالبة بتغيير سلوك وفعل السلطة التنفيذية هى التحايل عليهما وعلى الإحباط بإيجابية وسلمية.