تلفزيونات لبنانية شريكة فى نظام الفساد

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 17 ديسمبر 2019 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع درج مقالا للكاتب «حازم الأمين»... جاء فيه ما يلى:

ثمة تحول مواز تشهده الانتفاضة اللبنانية وكشفته وقائع الأيام الأخيرة من عمر هذه الانتفاضة. انتقل الإعلام، لا سيما التلفزيونى منه إلى الخندق الآخر. «إل بى سى» و«نيو تى فى» صارت تظاهرة يوم السبت بالنسبة إليهما «محاولات مدسوسين تسللوا إلى الانتفاضة». وهذا التحول بدوره طبيعى، ذاك أن الإعلام هو جزء من خريطة النفوذ التى أرستها السلطة، ووسائل الضغط على وسائل إعلام مثل «إل بى سى» و«نيو تى فى» لإجراء نقلتيهما، متاحة للسلطة بكل أطرافها. لـ«إل بى سى» معركة قضائية وسياسية مع «القوات اللبنانية» وهى تحتاج إلى غطاء «التيار الوطنى الحر» فى هذه المعركة، و«نيو تى فى» بدورها لا تتخيل نفسها خارج خطاب «حزب الله»، على الرغم من المعركة العائلية التى يخوضها مالك المحطة تحسين خياط مع رئيس المجلس النيابى نبيه برى.
وقائع ليلة السبت الدامية، التى شهدت وثبة جديدة نفذها شبان وشابات شجعان على مداخل المجلس النيابى وتعاملت معها القوى الأمنية بعنف مثل ذروة القسوة فى أيام الانتفاضة، كانت سبقتها بساعة تقريبا غزوة نفذها مناصرون لحركة أمل وحزب الله انهمروا على ساحة الشهداء من منطقة الخندق الغميق وتدفقوا إلى خيم المعتصمين الفارغة فى ساحة اللعازارية. وهم لم يُواجهوا بعنف مواز لذلك العنف الذى مُورس على المنتفضين على أبواب المجلس النيابى. هذا التمييز فى ممارسة العنف مارسته وسائل الإعلام عينها، لا بل مهدت له عبر تولى برامجها، ومنذ أيامٍ، إجراء فحوص لمعدلات العداء لإسرائيل خضع له معظم ضيوفها. لدى «نيو تى فى» مقدمة برامج متخصصة فى هذا النوع من الفحوص، يتم إدخالها بشكل مفتعل على البرامج والضيوف، فيما تستجيب «إل بى سى» لشروط السلطة عبر تحويل الضيف إلى مدانٍ إلى أن تثبت براءته.
الأرجح أن هذا التحول هو من علامات الصحة فى مسار الانتفاضة، ذاك أن محاولات توظيفها من قبل القوى السياسية فى معاركها لتشكيل الحكومة، شهدت محاولات موازية تولتها وسائل الإعلام هذه. معركة «نيو تى فى» مع نبيه برى، هى معركة شخصية بين هذا الأخير وبين صاحب المحطة، ولهذا لاحظ الجميع انعطافة المحطة عندما تحولت المواجهة بين الانتفاضة والسلطة إلى مواجهة مع خطاب السلطة الذى صاغه «حزب الله». أما «إل بى سى»، فهى محطة «السيستم» تعريفا، وهى تعيش على توازنات تُراعى فيها تصدرها الحصص الإعلانية فى سوق لا تخلو من الحصص الطائفية والإقليمية، تعتاش عليها وسائل إعلام فرضها نظام الفساد من المحيط إلى الخليج.
عادت التلفزيونات اللبنانية إلى موقعها الطبيعى بعد نحو شهرين من الانتفاضة. الانعطافة لن تكون سهلة، لكنها بدأت، ومن المؤكد أننا سنشهد فى الأيام المقبلة مزيدا من مظاهرها. لكى تستضيف «نيو تى فى» ديما صادق لتروى قصة سرقة تلفونها فى ساحة الرينغ، عليها أن تستضيف بعدها شربل خليل، «الفنان» العونى الذى تشكل استضافته خرقا لشرعة حقوق الإنسان، فيما تهرب «إل بى سى» من مساءلة النظام لها على نقلها المباشر للتظاهرة بأن ترسل مع الكاميرا مراسلة عونية تكره المتظاهرين.
التلفزيونات اللبنانية لم تكن يوما بعيدة من نظام الفساد والارتهان الذى باشر اللبنانيون الانتفاض عليه. رخص البث منحت لها من هذا النظام، وحصص الإعلانات وزعت عليها بناء على توازناته. موقعها الطبيعى هناك، على الجهة الأخرى من المواجهة، وإذا كان الاحتقان العائلى قد أملى على «الجديد» موقعها فى لحظة التخلى الأولى، فإن المحطة باشرت فعلا تصويبيا، فيما أخرجت «إل بى سى» ديما صادق من فريقها، وشرع زميلها بسام أبو زيد يقرأ خبر المحطة عن ليلة السبت الدامية، وبدا من ملامحه أنه يقرأ من دون حماسة خبرا كتبه له «مندس» فى غرفة التحرير، قرر أن المحطة يجب أن تعود إلى موقعها إلى جانب السلطة.
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved