لُغتنا الجميلة

تُعد اللغة العربية لغة شاملة لكافة العلوم والثقافات، ولكن للأسف نشهد ضعفا فى استخدام اللغة العربية تبعا للتطوّر الذى نعيشه، فتجد الأولوية للغة الإنجليزية فى كثير من التعاملات والاستخدامات والتواصل فيما بين الشباب كلمات إنجليزية تتوسط جملة عربية بسببٍ وبلا سبب! مثال على ذلك أما تقول لطفلها «البس شوزك» لغة شاذة مزعجة، ولا عجب أن نرى أطفالا يُتقنون الحديث بالإنجليزية ويتباهى بهم آباؤهم، بالمقابل ينطق الكلمات والأحرف العربية بطريقةٍ غير سليمة، ولا يعى من الأرقام سوى الإنجليزية.
اللغة ليست مجرد حروفٍ تتشابك لتنتج كلمة فقط، أو كلمات تشكّل عبارة بلا معنى، اللغة أكثر اتساعا من هذا وأعمق، هى تخلق الفكرة وتعرّف المعنى، أنت تفكّر عن طريق اللغة ومخزون الكلمات والمفاهيم التى يحويها عقلك.
تعلّم اللغات مطلب وضرورة ومتعة، ولا شك أن بعض المصطلحات الإنجليزية قد لا تجد مقابلا يختصرها فى العربية، ولكن لا تجعل لغتك الثانية تلتهم هويتك، فاللغة هوية وليست مجرد تواصل، علّموا أبناءكم وتعلموا مختلف اللغات فهى سبيل للتواصل مع الشعوب من مختلف أنحاء العالم، اللغة عالم يفتح لكم آفاقا جديدة، ولكن لابد من ان نفتخر ونعتز بلغاتنا العربية.
ويعد يوم 18 ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمى للغة العربية، وقد حُدد هذا اليوم للاحتفاء بالعربية بعد اعتمادها ضمن اللغات الرسمية الست ــ الإنجليزية والصينية والفرنسية والروسية والإسبانية، بالإضافة للعربية ــ ولغات العمل فى الأمم المتحدة فى ديسمبر عام 1973ومرت الذكرى ولم يبال بها أحد.
واتذكر قبل الانترنت والفضائيات أن الاذاعة كانت تحتل المركز الاول من اهتمامنا فقد كان للشاعر الكبير فاروق شوشة برنامج اسمه لغتنا الجميلة يبدأ البرنامج بهذا البيت من قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم «أنا البحر فى أحشائه الدرّ كامن.. فهل سألوا الغواصَ عن صدفاتى»، وظل هذا البرنامج لسنواتٍ طويلة عبر أثير الإذاعة المصرية، حاملا على عاتقه مهمة تعريف المصريين بمواطن الجمال فى اللغة العربية، عن طريق الغوص فى أعماقها للتعرف على كنوزها وصدفاتها. وكان له القدرة على تطويع اللغة العربية ليشكل منها أجمل المعانى والأشعار. كانت طريقته فى عرض اللغة العربية على المستمعين فى مصر تختلف تماما عن الطريقة الجامدة الخالية من الإبداع التى يتم بها تدريس اللغة العربية فى المدارس المصرية فقد ترك برنامج «لغتنا الجميلة» أثرا كبيرا لدى جيل كامل تربّى على سماعه، كما تحوّلت حلقات البرنامج إلى مُجلدات لم يكتمل نشرها إلى الآن، وكانت بإيعاز من محمد مدبولى المعروف بالحاج مدبولى صاحب المكتبة الشهيرة بوسط البلد.
علينا الاهتمام باللغة العربية والمحافظة عليها باستخدامها وتوظيفها فى كلّ مناحى الحياة وجميع المؤسّسات الإدارية، والتربوية، والعملية، وتشجيع الطلاب على استعمالها فى جميع المراحل التعليميّة من الابتدائية حتى الجامعية. وتطوير طرق تدريس اللغة العربية من خلال تبسيط القواعد وتشجيع الطلاب على إجراء البحوث المختلفة بها، والتركيز على الاهتمام بأثر العولمة عليها فى مختلف الأبحاث. إقامة ندوات لمدرسى اللغة العربية لإطلاعهم على أحدث وأنجح الطرق السمعيّة، والبصريّة؛ لتدريبهم على استخدامها. توجيه المدرسين للحرص على دراسة اللغة العربيّة، واستعمالها فى تدريس معظم المواد، وتشجيع طلابهم على ذلك. إلزام المؤسّسات المختلفة والمحالّ التجارية باستعمالها بدلا من اللغات الأجنبية، أو اللهجات العامية. توجيه مؤلّفى المسلسلات، والمسرحيات لاستخدام اللغة العربية المبسّطة فيما يتمّ تأليفه وعرضه على شاشات التلفزيون، والتقليل من استعمال اللغة العاميّة فى الصحف، أو الإعلانات المنتشرة.