المسيحيون المضطهدون فى العالم
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 18 يناير 2020 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
قد يظن الكثيرون أن المسيحيين فى أنحاء العالم لا يضُطهدون على خلفية الاعتقاد أن جذور أوروبا مسيحية كذلك دول أمريكا اللاتينية أيضا مسيحية، وكذلك جذور الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول والقارات، ولكن تقرير عام 2019 لهيئة «الكنيسة المتألمة» توضح بجلاء أن هذا غير صحيح فقد كان عام 2019 من أكثر الأعوام اضطهادا للمسيحيين وفيها استشهد الكثيرون. هدف هذه المقالة هى لإبراز أن التعصب الدينى والإرهاب يطال الكثيرين فى أنحاء العالم، مما قد أسميه «عولمة الإرهاب» حيث إن الإرهاب لا دين له ولا مبدأ بل مجموعة مصالح تستغلها بعض الدول أو المجموعات الشريرة لتقسيم الأوطان ونشر الخوف بين الناس وجنى ثمار بيع السلاح على جثث المضطهدين وعائلاتهم وأطفالهم فى أى مكان فى العالم.
بالنسبة إلى توماس هاين ــ غلدرن (رئيس الجمعية الحبرية «عون الكنيسة المتألمة») كانت سنة 2019 سنة الشهداء، ومن بين أكثر السنوات الدامية فى تاريخ المسيحية. وقد بلغت ذروتها خلال الاعتداءات على 3 كنائس فى سريلانكا، حيث استشهد أكثر من 250 شخصا. ونحن أيضا قلقون كثيرا حيال الوضع فى الصين وفى الهند.
لكن من الناحية الإيجابية وكما القسم الإنجليزى من موقع زينيت الإلكترونى، أصبح السياسيون والقادة فى غرب أوروبا يتكلمون عن الحرية الدينية غالبا أكثر. وكمثال مشجع ذكر هاين ــ غلدرن الرسالة المسجلة من قبل الأمير تشارلز بمناسبة الميلاد (التى كنا قد تناولناها فى مقال سابق تحت عنوان «رسالة الأمير تشارلز الميلادية للمسيحيين المضطهدين») والتى يذكر فيها وريث العهد البريطانى اضطهاد المسيحيين حول العالم داعيا الجميع إلى التضامن.
فى هذا السياق دعا رئيس «عون الكنيسة المتألمة» المنظمات الدولية ــ كالاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة ــ إلى حماية الحرية الدينية كحق إنسانى أساسى على جميع المستويات وفى جميع البلدان. وأضاف: الحديث عن الموضوع يتزايد لكن لا يتم فعل الكثير. من الصعب تصديق أنه فى بلد كفرنسا، تخطت الاعتداءات على المؤسسات المسيحية الـ230 السنة الماضية. كما وأن الأحداث فى التشيلى كانت صادمة؛ حيث تم تدنيس وتخريب 40 كنيسة منذ منتصف أكتوبر الماضى.
أما فيما يختص بإفريقيا فقد عبر رئيس «عون الكنيسة المتألمة» عن قلقه العميق حيال وضع المسيحيين فى نيجيريا، حيث يزرع إرهابيو بوكو حرام الخوف فى الشمال وعلى طول الحدود مع كاميرون، وعبر عن حزنه حيال إعدام عشرات المسيحيين مع مسلمى شمال شرق نيجيريا فى عيد الميلاد. وأضاف: كنا نحتفل بالعيد فيما آخرون كانوا يحِدّون ويعيشون فى الخوف.
ودائما بحسب هاين ــ غلدرن كان عام 2019 كارثيا على المسيحيين فى بوركينا فاسو مع الاعتداءات على المدارس والكنائس وموت 34 مسيحيا.
وعن وضع المسيحيين فى الشرق الأدنى قال إنه «يحتل دائما دعاءه ويشغل فكره»، وهنا اقتبس هاين ــ غلدرن كلمات رئيس أساقفة إربيل الذى لفت الانتباه إلى مخاطر وضع المسيحيين فى العراق، بالإضافة إلى الاعتداءات التى شهدوها.
وبحسب الأسقف بشار متى وردة «إن الأزمة المتزايدة فى لبنان تزيد من سوء وضع المسيحيين فى البلاد وفى الوقت عينه تخلق العديد من العقبات أمام تزويد سوريا بالمساعدة». ومع هذا كله عاد هاين ــ غلدرن ونظر إلى السنة بامتنان قائلا: «يكمن جمال عملنا هنا بالإضافة إلى الصليب والمعاناة، كما وأننا نختبر تكرس العديدين وحبهم.. فكثر هم من يفعلون المستحيل والممكن التخفيف من مصاعب الناس الروحية والمادية».
أمام هذه الأرقام لا يسعنا إلا أن ندرك جميعا أن المسيحيين المصريين غير مضطهدين مع عدم إغفال بعض الصعوبات الناجمة عن تصرفات فردية من هناك وهناك وزيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية فى عيد الميلاد ومطالبته بأن «نحب بعضنا البعض» ونكون يدا واحدة أمام أعداء هذا الوطن، لهو دليل على أن نجاح الدولة يتجه بقوة نحو ترسيخ مبدأ المواطنة وهذا ما ترسخه المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية، ولكن يبقى العمل على تغيير الأذهان التى تركت لسنوات طويلة عرضة لإفكار التعصب ورفض الآخر. وهى مبادئ لفظها المجتمع المصرى ليعود إلى طبيعته الأصلية المحبه التى عرفت به فى كثير من العصور.