نعم لنبيل العربى.. لا للتوافق

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: السبت 18 فبراير 2012 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

كل الاحترام للسيد نبيل العربى، شخصا ونموذجا.. وكل الاعتراف بامتلاكه مواصفات وسمات رئيس دولة يتمناه المصريون قائدا لبلد قام بثورة شهد لها العالم بتحضرها وتفردها فى تاريخ الثورات، لكنها ابتليت فى موطنها بمن ابتذلها والتف عليها وأفرغها من محتواها الإنسانى النبيل.

 

كل الابتهاج بدخول نبيل العربى سباق الترشح لانتخابات الرئاسة، لكن أن يجرى طرح اسمه على هذا النحو «التوافقى» فهذا ما لا يليق بشخصية بهذا الحجم، ذلك أن هذه الصيغة التوافقية كانت تصلح فى اليوم التالى لخلع الرئيس السابق، فى لحظة كانت مصر فيها أحوج ما تكون للتوافق.

 

وقد بحت الأصوات فى ذلك الوقت تطالب برئيس انتقالى توافقى يتولى القيادة فى المرحلة الانتقالية، غير أن المجلس العسكرى قرر أن يقطع الطريق على الجميع ونصب نفسه رئيسا للبلاد معتمدا على فرضية أنه رفض تنفيذ طلبات المخلوع بإطلاق الرصاص على الثوار، وهى الفرضية التى أكدها المشير فى حوار تليفزيونى على الهواء مباشرة، ثم نفاها فيما بعد فى شهادته أمام محكمة مبارك، وقيل لنا وقتها إن النص التليفزيونى الذى بثته القنوات الحكومية على الهواء تعرض للمونتاج.

 

قصر الكلام، فإن التفكير فى نبيل العربى جاء متأخرا باثنى عشر شهرا بالتمام والكمال، تخبطت فيها البلاد فى متاهات فشل الإدارة، وغياب الإرادة الجادة فى الاعتراف بهذه الثورة ومن ثم حمايتها ومساعدتها والبناء على ما أنجزته وصولا إلى مصر جديدة فاجأت العالم كله بثورتها التى قادها شباب باهينا به الدنيا لوقت معلوم، ثم استدرنا عليه طعنا فى الوطنية وتشويها واتهاما بالعمالة.

 

وقد شاءت الأقدار أن يلتقى نبيل العربى بقبس من هذا الشباب الرائع فى ندوة شرفت بإدارتها بمكتبة الشروق بالزمالك ليلة ميلاد بدر الثورة، ليلة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، حين قدم للقاء تاريخى بين المفكر الكبير الدكتور جلال أمين وجمهوره الذى كان غالبيته من الشباب، أعلنوا ببسالة أنهم خارجون فى ثورة صباح اليوم التالى، ويذكر التاريخ الجارى أن نبيل العربى كان فى طليعة من وفروا غطاء معنويا وأخلاقيا وسياسيا للثوار حين بطشت بهم آلة قمع نظام مبارك فى ميدان التحرير بعد جمعة الغضب الأولى، بنزوله إلى الميدان تضامنا مع مطالب الثورة.

 

والقصد، أن العربى تتوافر فيها شروط رئيس محترم لمصر، له احترامه فى الشارع، قبل الثورة وبعدها، ولديه رصيد كبير من المصداقية، وعليه فإنه أكبر من أن يأتى عبر توافق، سرى أو علنى، بين المجلس العسكرى من جهة، والقوى السياسية ــ إسلامية وليبرالية ــ من جهة أخرى، فليتقدم نبيل العربى للمنافسة بشخصه وتاريخه ورصيده السياسى، بعيدا عن أية تفاهمات أو توافقات تنتج عن اجتماعات ولقاءات مغلقة، يشى تسريب أنبائها بأن كل ما جرى ويجرى على الأرض سابق التجهيز فى معامل ومطابخ سرية، وكأنها قسمة غرماء، ومحاصصات بين أذرع سلطة الأمر الواقع فى مصر.

 

واللافت أن تسريب أنباء هذا التفاهم أو التوافق، يقترن بكلام عن تفاهم آخر على تمرير قانون الانتخابات الرئاسية بكل ما يشوبه من عوار واعوجاج، وهو القانون الذى مرره المجلس العسكرى بليل، مستهينا بالسلطة التشريعية، وغضب البرلمان وظل يرغى ويزبد فى أنه لن يرضى بهذه الإهانة، ومن هنا تبدو هذه الصيغة مثيرة للتوجس فى مقاصد أطرافها، والأخطر أنها تسىء لاسم مرشح شعبى بامتياز، لديه فرص هائلة فى الوصول إلى مقعد القيادة عبر اختيار شعبى، وليس من خلال توافق أو تفاهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved