كيف يتجنب أبناء مرسى ومكى مصير علاء وجمال؟
وائل قنديل
آخر تحديث:
الإثنين 18 فبراير 2013 - 8:45 ص
بتوقيت القاهرة
فسدت مصر من بوابة بيزنس أبناء المسئولين، وتحول القطاع الخاص أيام مبارك إلى مرتع لإفساد الصغار أبناء الكبار، ثم فسادهم وتناسل الفساد الصغير وتكاثر وتشعب وتوسعت حلقاته حتى تحول البلد كله إلى بحيرة عطنة من التهليب، ثم سقط فى قبضة المغامرين وعصابات المافيا.
تأتى واقعة تعيين ابن الرئيس فى إحدى الشركات القابضة التابعة لقطاع الطيران لتفتح هذه القضية مجددا وتطرح سؤالا: أيهما أفضل: أن يعمل أبناء المسئولين فى جهات حكومية معلنة تخضع لرقابة الأجهزة الرسمية المتعددة، أم يسلكون طريق علاء وجمال مبارك، ويمارسون رياضة التزلج على ألواح القطاع الخاص ويتعلمون مهارات الصفقات السرية مع وحوش البيزنس فتضيع المسافات بين السلطة والثروة ونعيد إنتاج دولة الأوليجارك والهلّيبة؟
هذا السؤال كان موضوع دردشة طويلة بينى وبين المستشار محمود مكى النائب السابق لرئيس الجمهورية والقاضى الجليل الذى يجلس بلا عمل حتى الآن بعد استقالته من منصبه.
فى البداية فاجأنى مكى بسؤال: ماذا نصنع لكى يعمل أبناؤنا فى مهنة كريمة ومحترمة، ضاربا مثلا بقصة ابنه الذى حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية بمجموع ٧٥ ونصف فى المائة وهو ما يفصله عن تقدير جيد جدا بنصف فى المائة فقط، وبالتالى لم يعين فى سلك النيابة.
يقول المستشار مكى إن ابنه واصل دراسته وحصل على دبلومة فى القانون العام، ويستعد لمناقشة الماجستير فى القانون الخاص كى يحصل على فرصة عمل محترمة، فتقدم إلى مسابقة للتعيين بمجلس الدولة، فهل ارتكب خريج الحقوق المتفوق جريمة حين تقدم إلى هذه المسابقة منذ أكثر من عام ولم يكن والده نائبا لرئيس الدولة بعد؟
يكمل المستشار محمود مكى بسخرية مريرة: أشاعوا أن ابنى تم تعيينه فى مجلس الدولة، بينما الحقيقة أنه تم إبعاده وتجاوزه فى التعيين رغم أحقيته، حيث تم قبول أكثر من عشرة متقدمين حاصلين على مجموع أقل منه فى ليسانس الحقوق.. ورغم ذلك نشط إعلام الكذب السريع فى ترويج أنباء مكذوبة عن قبوله مجاملة لأبيه.
ويسألنى مكى مرة أخرى: أيهما أكثر احتراما: أن يتقدم ابن المسئول إلى مسابقة معلنة لوظيفة حكومية محددة الراتب ومعروف وسائل الترقى فيها وخاضعة لرقابة أجهزة الرقابة المحاسبية والإدارية ؟ أم يمشى فى طريق أبناء الكبار فى النظام السابق، طريق البيزنس السرى والعلنى، السفلى والعلوى بلا رقيب أو حسيب؟
السؤال يبدو وجيها ومنطقيا، خصوصا أن حواديت وأساطير بيزنس أبناء الكبار فى العهد الذى ثارت عليه مصر لا تزال رائحتها تزكم الأنوف حتى الآن، فضلا عن أنها كانت السوس الذى نخر فى عظام الدولة المصرية فحولها من جمهورية إلى إقطاعية ممتدة.
وأخيرا يسأل مكى: هل سيكون شيئا محترما وأخلاقيا لو قرر ابن محمد مرسى وابن محمود مكى أن يذهبا لتكوين شركة خاصة تعمل فى أى نشاط، وساعتها يهرول صوبهما حيتان البيزنس متطوعين بالعون والشراكة لنبدأ فصلا جديدا من دراما الزواج الحرام بين السلطة والثروة؟
وأخيرا يقول مكى بضمير القاضى إنه من الأكرم والأفضل لمصر أن يعمل أبناء المسئولين فى وظائف حكومية خاضعة للرقابة والمحاسبة فى وضح النهار، بدلا من مزاولة أعمال البيزنس السفلية.
وللحديث بقية لا تتسع لها هذه المساحة