«دولنة» الإخوان

عمرو خفاجى
عمرو خفاجى

آخر تحديث: الإثنين 18 فبراير 2013 - 8:45 ص بتوقيت القاهرة

فى ذات اللحظة التى يشهد فيها الجو السياسى العام، اعتراضات بالغة وعنيفة، عما يطلق عليه «أخونة الدولة»، تنطلق بمحاذاتها، أصوات قوية تنفى الفكرة، ليس من باب الدفاع عن الجماعة، ولكن بهدف الوصول إلى التوصيف الدقيق لما يحدث فى أعصاب الدولة المصرية حاليا، ومنذ قيام الرئيس محمد مرسى بمهامه فى قصر الرئاسة، وهى أصوات تحاول قراءة ما يحدث، فى إطار الحالة الثورية التى تعيشها البلاد، أو من المفترض أن تعيشها، وفى إطار ما ينبغى أن تكون عليه مصر الجديدة.

 

الأصوات الأكاديمية المتشددة، تؤكد ألا وجود لفكرة «الأخونة»، لأنه لا وجود قانونيا لهذه الجماعة، حيث يصعب وضع البعض فى هذه الخانة، دون وجود مرجعيات قانونية أو إدارية رسمية، ولذا يرى هذا الفريق ــ صراحة ــ أن الخطيئة الكبرى، لمن يحكم، هو عدم إخضاعه «الجماعة» للإطار القانونى والسياسى الذى يجب أن تكون فيه، وأن هذا الوضع أربك الجميع بمن فيهم من يحكم، على اعتبار أن حزب «الحرية والعدالة» لم يصبح الذراع السياسية للجماعة، كما كان متصورا عند الإعلان عنه، بل تحول بغرابة شديدة إلى الواجهة التى يحكم منها الإخوان، فخرج ثلاثتهم (الجماعة، الحزب، الرئيس) عن قضبان السياسة، ليمشى فى مسار، بالضرورة سيعترض عليه الجميع، وهو الأمر الحاصل حاليا، ويسبب حالة الاحتقان السياسى المستمرة بين الإخوان وبقية القوى، بما فيها القوى التى كانت قريبة منهم، وحالة احتقان أو احتكاك خشن، بين العناصر الثلاثة المكونة لحكم الإخوان، وربما يتحول هذا الاحتكاك إلى صراع عقب أى حالة مأسسة للرئاسة أو الحزب.

 

وإذا كان الفريق المذعور من فكرة الأخونة، يعتمد فى إطلاق تحذيراته، من تولى عناصر من الجماعة لمناصب قيادية عديدة فى مختلف جهات الدولة، وسيطرتهم عليها، ومحاولتهم الهيمنة على مجريات الأمور بها، وفرض سياساتهم على أعمالها، فإن الحاصل ــ حتى الآن على الأقل ــ يبدو عكس ذلك، أى أن الذين ذهبوا لهذه المواقع أو المناصب هم الذين «تدولنوا» بمعنى أن الدولة أخضعتهم لإرادتها وسياستها، وباتوا يلعبون بذات القوانين التى كانت مستخدمة قبل الثورة، وخير دليل على ذلك، تعيين ياسر على فى منصب آخر بعد الإطاحة به من منصب المتحدث الرسمى، كما كان يحدث من قبل، أو طريقة وفلسفة تشريع القوانين الجديدة (المظاهرات، تداول المعلومات) أو حتى الخضوع الكامل للشرطة باعتبارها ذراع الحكم القوية (يمكن مراجعة تصريحات صبحى صالح بالشورى ومناظرتها بتصريحات رجال الحزب الوطنى سابقا)، وحتى قانون انتخابات البرلمان، حيث كانت الجماعة تناضل من أجل عدم تغيير الصفة الحزبية للأعضاء المنتخبين، وها هى تقاتل الآن من أجل الحفاظ عليه، تماما كما كان يفعل الحزب الوطنى ورجال النظام السابق، وأركان الدولة، التى ثارت عليها الجماهير فى يناير ٢٠١١.

 

الخطر هنا يبدو جليا وواضحا، وبالمناسبة هو أخطر كثيرا من «الأخونة»، حيث يتضح المشهد الآن، بعد «دولنة الإخوان»، أن النظام الجديد يلعب بنفس قوانين وطرائق الدولة القديمة، مما يعنى أنه لا مكان للثورة وأفكارها، لدى من يحكم، وأن ما تشهده مصر الآن هو استمرار رخيص وردىء وخرب للنظام السابق، وهو الأمر الذى يعنى ببساطة استحالة ولادة دولة جديدة كان يتمناها المصريون بعد ثورتهم، التى ستستمر بالضرورة، إذا استسلم الإخوان لدولنتهم، وساروا على درب من ثار عليهم الناس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved