صيف الغضب

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 18 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

سأكرر عليك اليوم ما سبق أن قلته قبل عدة أسابيع: «حجم الغضب فى النفوس أكبر بكثير مما أريق من الدماء، ولن يطفئ هذا الغضب إلا مزيد من الضحايا».

 

هذا ما أتوقعه ولا أتمناه، وإن كنت أرى أننا نسرع الخطى فى اتجاهه.

 

ليس فى الأمر مؤامرة، لكنها سياسات مرسى الفاشلة وقدرات حكومته المحدودة وجشع جماعته الغشوم للاستحواذ والسيطرة.

 

كتبت كثيرا عن مرسى وحكومته وجماعته، وأعرف منذ البداية أنه يسير فى مخطط التمكين بصرف النظر عن كل ما يجرى حوله،وليس صحيحا ولا مقبولا الادعاء بأنه مغلوب على أمره، وأنه بلا حول ولا قوة، فمرسى من صقور الجماعة، من جناحها الأكثر تطرفا، الذى يضم الشاطر وعزت وبديع وحسين وآخرين، هو طرف أصيل فى المشكلة، ولن يكون أبدا جزءا من حلها، ولا أمل فى الإصلاح ما بقى رئيسا، ولذا دعوت وآخرين قبل أسابيع لانتخابات رئاسية مبكرة، لأن الانتظار 4 سنوات حتى يكمل فترته الرئاسية يعنى الإجهاز على مؤسسات الدولة، وتحويل الصندوق والانتخابات إلى لعبة تتلهى بها الجماعة ورفقاؤها.

 

لا يفعل مرسى سوى أنه يقربنا بسياساته المرتجلة الفاشلة، وأدائه المفتقد إلى أى قدر من الحنكة والتبصر والوعى من أتون الحرب الأهلية، من سيناريو الفوضى الشاملة لدولة كانت على أبواب الفشل، فصارت معه تغوص فى وحله وتنهل منه حتى الثمالة.

 

 هل لا يرى الرجل ما نراه، هل بات معزولا ومغيبا إلى هذا الحد، هل مازال يصدق تقارير «المقطم» التى تحثه على المضى فى المخطط دون أن يعبأ بهذه «القلة الموتورة الحاقدة الحانقة»، والتى لا مؤيدين لها فى الشارع ولاوزن لها فى الصندوق؟

 

الأرجح أنه يفعل، وخطورة ذلك أنه كما قلت فى البداية، يقربنا من الاقتتال الأهلى، ولدى الجماعة وظهيرها السلفى من ولاد أبو إسماعيل والجماعة الإسلامية وغيرهما يقين، أنه حين يجرى ذلك، أى حين يحتكم الفرقاء إلى قعقعة السلاح بديلا عن منطق الحوار، فإن الغلبة ستكون لهم، أولا لأنهم «جند الله» الذين يحاربون لإعلاء كلمته فى مواجهة الأغيار من العلمانيين والملاحدة، وثانيا لأنهم مدربون على العنف ومتمرسون على استخدام السلاح فى أقبيتهم السرية، وفى ساحات المواجهة السابقة ضد الدولة وخارجها، ولذا يمضون فى مخططهم غير مكترثين.

 

وأظن أنهم مخطئون فى الحالتين، فهم ليسوا جند الله، فالله يدافع عن الذين آمنوا، ولايدافع قطعا عن الكذابين والمنافقين والمتآمرين، كما أن مخالفيهم ليسوا كفارا ولا ملاحدة، هم الأغلبية من أبناء الوطن بأقباطه ومسلميه، كما أنهم ــ وهذه حقيقة لا أعرف كيف تغيب عن مخابرات شاطرهم ــ لايحتكرون وحدهم القدرة على استخدام السلاح، فقد صار السلاح بعد الربيع العربى كالمحمول.. فى يد الجميع.

 

هذه هى الحقائق على الأرض، وما جرى فى المقطم طوال ليلة أمس بروفة لما هو قادم، ولن تنجو الجماعة ومرشدها وإرشادها منه كما تظن، بل الأرجح أنها ستواجه بما لا تتوقعه، وستكتشف حينها أنها من حفر قبرها بيديها.

 

قلت لك إن هذا سيناريو أتوقعه ولا أتمناه، لكن مرسى يقودنا إليه للأسف بإصرار منقطع النظير.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved