إذا ضمّت إسرائيل المنطقة «ج» العالم كله سيعاقبها
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأحد 18 مارس 2018 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
موسم التصفية السياسى لنهاية حقبة نتنياهو، والشعور بأن كل شيء مسموح به فى ظل حكم ترامب، جعلا حديث الضم حاضرا فى حياتنا. وسواء تحدث نتنياهو مع الأمريكيين عن الضم أو أنه استخدمهم من أجل لجم وزارئه التواقين إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية، من الواضح أن من هم فى اليمين يحاولون أن يجعلوا الضم أمرا طبيعيا. لقد تعودنا التحذير من الانعكاسات السياسية والديموغرافية لمثل هذه الخطوات، لكن أحيانا لمواجهة أفكار سخيفة، من الأفضل ببساطة أن نتخيل كيف سيتصرف العالم إذا حاولنا تطبيقها.
أحد الردود التى يقدمها اليمين عندما نسأله عن المخاطر التى ينطوى عليها الضم بالنسبة إلى إسرائيل اليهودية الديمقراطية هو أنهم يريدون فقط ضم المنطقة ج، التى تبلغ مساحتها ما نسبته 60% من الضفة الغربية، والتى توجد فيها المستوطنات والمواقع الاستيطانية. لكن بحسب ما أوضح العميد فى الاحتياط شائول أريئيلى مؤخرا، يعيش فى المنطقة ج أكثر من 250 ألف فلسطينى. بالإضافة إلى ذلك، فإن منطقتى أ وب اللتين ستبقيان فى يد الفلسطينيين لا يتوافر فيهما تواصل جغرافى، بل هناك 169 وحدة منفردة يجب ربطها بطرقات وتأمينها. وبدلا من جدار الفصل الموجود حاليا والممتد على طول 700 كيلومتر، سنكون بحاجة إلى الدفاع عن آلاف الكيلومترات من حدود إسرائيل وعن جيوب صغيرة وغير منطقية.
لنفترض أنه مع ذلك سنمضى قدما نحو ضم مناطق ج. يتخيل جماعة الضم أنهم سيقدرون ببساطة على استيعاب هؤلاء المواطنين فى إسرائيل، سواء كسكان لديهم حقوق محدودة أو كمواطنين متساوين فى الحقوق. إذا سمحتم لدىّ بضعة أسئلة: كيف ستردون على العداء المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى المناطق، والذى لن يختفى بين ليلة وضحاها؟ هل تريدون توقيف مواطنى إسرائيل الجدد من خلال مئات الآلاف من الاعتقالات الإدارية؟ هل الشرطة ستطلق عليهم النيران الحية، لأنه ليس هناك ديمقراطى حقيقى سيتقبل أن يتعامل الجيش الإسرائيلى يوميا مع المواطنين؟ وأى نوع من الدول ستكون إسرائيل إذا كانت هذه هى أحجام استخدام القوة فيها؟ باختصار، أنتم الذين تدّعون أنه لا يمكن الانفصال عن الفلسطينيين، هل تريدون منا أن نؤمن بأن عناق الدب ومحو الهوية القومية للفلسطينيين سيقومان بالعمل المطلوب؟
دعونا نتخيل ونفكر فى أن الفلسطينيين فى مناطق ج سينضمون بسلام. الآن اشرحوا لنا كيف ستبدو منظومة الرفاه الإسرائيلى، التى تعجز حاليا عن تحمل الضغوط، إذا اضطرت إلى استيعاب 250 ألف رجل وامرأة من منطقة تنتمى من الناحية الاقتصادية للعالم الثالث؟ هل الضمان الوطنى الذى من المنتظر أن يعلن إفلاسه بعد عقد ونصف العقد قادر على مواجهة هذه الزيادة؟
فى اليمين هناك من يحاول الإجابة عن هذه الأسئلة، لكن الجواب يستند إلى افتراض أنه بعد مرور بضع سنوات سيحقق عرب المناطق إنجازات مشابهة لتلك التى حققها العرب فى إسرائيل (هؤلاء هم عرب وأولئك عرب، ما الفارق؟). لكن هذا ليس سهلا، لأن الفلسطينيين فى المناطق لم يكبروا فى جهاز تعليم دولة من العالم الأول. ببساطة لا توجد فى الضفة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية المطلوبة من أجل تحقيق اندماج سريع كهذا. وإذا اتضح أن معجزة اجتماعية ستتيح عملية استيعاب سلس، هل تتخيلون ما هى المعابر التى ستسمح لهؤلاء المواطنين الإسرائيليين بزيارة أراضيهم وأصدقائهم وعائلاتهم فى 169 جيبا مستقلا ذاتيا نحن أوجدناهم؟ هؤلاء سيكونون مواطنين إسرائيليين ولن يكون ممكنا أن نقول لهم «لا» كما نسمح لأنفسنا بأن نقول للفلسطينيين اليوم. وماذا بشأن خطط البناء؟ إذا كانت هذه أراض إسرائيلية، ليست المستوطنات فقط التى ستتوسع، فهل أنتم مستعدون لذلك؟
باختصار، عندما نبدأ بتفكيك المشكلة إلى عناصر يتضح أن الضم هو مشكلة ليس فقط لأن العالم سيعاقب إسرائيل على هذه الخطوة، أو لأن الفلسطينيين فى منطقتى أ وب يمكن أن يرفعوا أيديهم ببساطة ويطالبون هم أيضا بالجنسية. إن الضم فكرة مجنونة، ولكى نؤمن بأنه سينجح على المستوى الأساسى، نحن بحاجة إلى تفاؤل أكبر مما يمكن انتظاره من شرق أوسط جديد.
أفيشاى بن شاشون
باحث فى مشروع «ديريخ» فى مؤسسة بيرل كتسنلسون
مكور ريشون
مؤسسة الدراسات الفلسطينية