المال فى انتخابات الصحفيين
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 18 مارس 2019 - 11:05 م
بتوقيت القاهرة
انتهت معركة انتخابات الصحفيين باختيار نقيب جديد و6 من اعضاء مجلس النقابة فى واحدة من أكثر الجمعيات العمومية حضورا، والأقل مفاجأة من حيث النتائج، لأننا أمام بعض أسماء كان متوقعا فوزها، وإن كانت التفاصيل لا تعد ولا تحصى فى كواليس المشهد الذى ظهر فى سرادق سد تقريبا شارع عبدالخالق ثروت، وأروقة مبنى النقابة، يوم التصويت العظيم.
فاز من فاز، ولم يحالف التوفيق النسبة الغالبة من المرشحين الذين تنافسوا على 6 مقاعد، اضافة لكرسى النقيب، غير أن المعركة الانتخابية التى دارت وقائعها مع بدء فتح باب الترشيح، وانتهاء بإعلان نتائج التصويت، عكست العديد من الظواهر التى يختلط الايجابى بالسلبى منها، وهو ما يحتاج منا كجماعة صحفية ورأى عام تأمل بعضها.
رأينا حضورا لافتا لجمعية عمومية تخطى من صوت فيها نصف عدد من لهم حق الانتخاب، غير أن اللافت أيضا عودة عمليات الحشد والتعبئة المكثفة من المؤسسات القومية الكبرى بالطرق التقليدية، فى حمى تنافسية تجاوزت قضية الحرص على ديمقراطية الانتخابات فى حد ذاتها، ولعل الزملاء يدركون ما بين السطور، فى مواجهة قدرات متواضعة من المؤسسات الخاصة، وبقايا الحزبية، رغم أن عدد صحفييها يربو على نصف أعضاء النقابة.
ظهرت وجوه قديمة، ومراكز قوى سابقة، تحلق البعض حولها، رغم أننا لم نكن نراها من قبل، ونزل رؤساء تحرير من عليائهم، وتحول السرادق الانتخابى إلى سوق رائجة للمساومات، والوعود، ومع اقتراب ساعة التصويت، وخلالها، دخل بعض المرشحين طور البذخ فى إنفاق المال على الدعاية وتقديم الإغراءات، إن لم يكن شراء الأصوات، بأشكال مختلفة من الهدايا العينية التى تتجاوز حدود الرمزية كالأقلام وبعض المفكرات.
الإنفاق الباذخ على الدعاية دفع الزميل محمد سعد عبدالحفيظ عضو مجلس النقابة، ومدير تحرير «الشروق»، حسب ما علمت منه، إلى العكوف على تقديم مذكرة رسمية لمجلس النقابة عقب تشكيله الجديد، للتحقيق فى توزيع الهدايا العينية، أو ما يسميه «رشاوى»، وهى عبارة عن إكسسوارات للهواتف المحمولة من «شواحن وسماعات وباوربنك» وصل عددها إلى الآلاف، أمام باب اللجان أثناء التصويت.
تحرك عبدالحفيظ المرتقب، ذكرنى بحوار دار قبل أربع سنوات، بينى وبين الزميل والنقابى المخضرم، جمال عبدالرحيم، رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات الذى قاد بنجاح واحدة من أصعب الجمعيات العمومية، حول ضرورة تحديد سقف إنفاق مالى لكل مرشح، وعدد اللافتات المسموح بتعليقها داخل النقابة التى تتوارى خلف آلاف اللافتات والملصقات الدعائية، وهو ما يفتح عادة بابا للشقاق بين المرشحين عندما يحجب انصار هذا لافتات ذاك لضيق المساحة المتاحة من جدران.
وعلى عكس انتخابات الثمانينيات وأوائل التسعينيات التى لم تكن تشهد سوى حملات دعاية متواضعة، وتوزيع سندوتشات الفول والطعمية على أفراد حملة المرشحين ومن حر مالهم، دخلنا فى الانتخابات الأخيرة عصر العلامات التجارية الكبرى، والمطاعم الشهيرة، التى ترسل وجباتها مغلفة فى عبوات مميزة، تحتوى على ما لذ وطاب من الطعام الفاخر ذى الخمس نجوم.
يعانى غالبية الزملاء مشاكل مادية وتأخرا فى تقاضى الرواتب، وتمر الصحف القومية والخاصة بظروف مالية صعبة، فهل يستقيم هذا الإنفاق الباذخ مع الوضع الذى يمر به غالبية الصحفيين؟، وهل يعقل أن مقعدا فى مجلس النقابة يستحق انفاق عشرات الألوف من الجنيهات على مجمع انتخابى لا يتجاوز 10 آلاف عضو؟!، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
بعيدا عن هذه الظواهر السلبية، دعونا نتوجه بالتحية إلى الزملاء الذين خاضوا الانتخابات، وقدموا نموذجا لحرص الاجيال المتعاقبة على مصلحة نقابتهم، والدفاع عن مكتسباتها فى أحلك الظروف.. تحية إلى أجيال شابة جديدة خاضت المعركة بكل شجاعة واقتربت من الفوز، وشيوخ لم يحالفهم التوفيق، على ما بذلوه من جهد للتأكيد على حق المنافسة الشريفة.
تحية للزميل رفعت رشاد الذى خاض معركة النقيب ونافس بكل جدية والتزام، وتهنئة من القلب للنقيب المنتخب الزميل ضياء رشوان على فوز مستحق، والتهنئة ذاتها للزملاء خالد ميرى ومحمد شبانة وهشام يونس ومحمود كامل وحماد الرمحى ومحمد يحيى يوسف، لنيلهم الثقة لقيادة النقابة مع باقى اعضاء المجلس فى مرحلة بالغة التعقيد.