دولة رئيس الوزراء: سؤال يحتاج إجابة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 18 مارس 2022 - 8:25 م
بتوقيت القاهرة
من أكثر الخصال كرما وإنسانية فى سلوك المصريين تلك الرغبة الدائمة فى مساعدة الآخر، خاصة فى أزمنة الكرب والشدة.
فالأخ لأخيه وابن عمه والجار لجاره حتى سابع جار. التآخى والتآزر سلوك تلقائى يميز المصريين على مر العصور. احتفظ بكتاب عن الأوقاف الخيرية فى مصر تشير إلى سلوك فريد لعدد من أثرياء هذا الوطن نذروا أوقافا منها تصرف أجورا منتظمة لمن يتطوع بزيارة المرضى فى المستشفيات ليهون عليهم أوجاعهم ويبث فى نفوسهم الأمل فى الشفاء القريب والتعافى بأمر الله.
الصورة بديعة بالغة الإنسانية تلك التى استقرت فى ذهنى بقيمة من القيم الأخلاقية الراقية التى جاء عليه السلام ليتممها واصفا إياها بمكارم الأخلاق.
أيام وتحل بنا بدايات الشهر الكريم.. ويتدفق نهر الخير من الصدقات والتبرعات التى يتقرب بها البشر لله سبحانه ولا يتوقف عند غرض أو مكان بل يمر متدفقا فى صورة عديدة يختارها الإنسان برضاه أو يدفع إليها دفعا بتلك الإعلانات الملحة التى تلاحقه بصور البؤس الإنسانى المبالغ فيها. لا أعتقد أن تلك الإعلانات تخضع لأى رقابة من الدولة لكنها فى الواقع تحظى برد فعل قوى لدى الجميع بغض النظر عن غنى الإنسان أو فقره مثقفا كان أو أميا: الكل يستجيب لتلك الإعلانات الدرامية التى لا تتوانى عن استخدام الأطفال حليقى الرأس ضحايا السرطان أو المصابين بالعمى أو التخلف العقلى أو أمراض القلب تحت عنوان براق «ذوى الهمم» و«أبطال التحدى» ينفذ العنوان إلى قلبك مباشرة فيدميه ويلغى عقلك الذى لن ينتبه إلى أن الشركة التى أعدت الإعلان ستتقاضي مباشرة على الأقل عشرين بالمائة من تبرعك السخى يزيد حتى أربعين بالمائة إذا ما نجحت فى أن تستدر دموعا ساخنة تسيل على وجهك قبل أن ينتهى الإعلان.
الدولة تسمح للجمعيات الخيرية بالإعلان عن نشاطاتها وتفتح بها أبوابا على مصراعيها لجمع التبرعات التى تحتاج بالفعل دعما يؤهلها لخدمة المواطن المصرى محدود الدخل.
لماذا؟ سؤال أتوجه به اليوم لدولة رئيس الوزراء وأرجو الله أن يجيب عليه بصراحته المعهودة ومعقولية شرحه للأمور.
دولة الرئيس: نحن نعلم جيدا أن الدولة لا تدخر وسعا فى توفير ميزانيات للصحة فى مصر، وأن هناك جهودا تبذل لتحقيق العدالة فى حق العلاج بكرامة من خلال مشروع التأمين الصحى الشامل. لكنك بلا شك يا سيدى تعلم ما نعلمه أيضا من حاجتنا لدعم المجتمع المدنى فى المستشفيات حتى يمكننا بالفعل تطوير العمل بها وتأهيلها لخدمة كل المصريين. فهل الدولة لا ترحب بدعم الناس للمستشفيات.
دعنى أضرب لسيادتكم مثلا حقيقيا عايشته فى معهد القلب القومى: منذ أربعة أعوام عرضت الشركة الشرقية للدخان التبرع لمعهد القلب القومى بمبلغ سبعة عشر مليونا من الجنيهات!
بالطبع عرض يبهج القلوب فإن كان الدخان سببا فى الكثير من أمراضها. واجه العرض العديد من التعقيدات الإدارية والشروط القاسية وعقبات الروتين وتغير الإدارات إلى أن منَ الله علينا سبحانه بالقبول وقبل العرض. قبل أن يصل التبرع لجزء من المعهد كانت المالية قد اقتضته من ميزانية المعهد!
هل يمكن أن تتصور سيادتك حال الأطباء الذين انتظروا هذا المبلغ لتطوير مشروعاتهم وإدخال تقنيات حديثة للتشخيص والعلاج واستعدوا لها بالدراسة والتدريب!
الدولة ذاتها سيدى تنتج إعلانات محترمة لدعم مشروعات مجتمعية عظيمة مثل حياة كريمة وأسرة سعيدة، فلماذا لا تسمح لنا بتقديم أنفسنا للناس فى صورة تمس عقولهم وبحثهم على التبرع لتطوير المستشفيات ودعم عملها لخدمة الناس بلا أى استثناءات لعلى أتمادى فأطلب من سيادتك أن تكون تلك الإعلانات مجانية بلا رسوم أو مصاريف سمسرة.
نعدك يا سيدى أن تصدر إعلاناتنا فى صورة كريمة مشرفة صادقة وحقيقية. فقط سنسجل واقع جهدنا فى علاج وتشخيص أمراض القلب فى مصر، سنسجل أيضا قائمة بالمشروعات التى نتمنى تحقيقها. لتطوير أداء معهد القلب، . ولو سمحت لنا برسم صورة لحلمنا الكبير فى إنشاء معهد قومى لأمراض القلب يعد امتدادا لمعهد القلب الحالى والذى يعد أكبر مؤسسة خدمية فى مصر.
سيدى.. سياسة جمع التبرعات تحتاج لمراجعة كاملة تضمن أن تحقق مشروعات عظيمة لها فائدة حقيقية للإنسان المصرى تؤكد حقه فى العلاج بكرامة.
هل من المعقول أن يفسح المجال للجمعيات الخيرية للإعلان عن نشاطاتها وقبول التبرعات دون قيود بينما توضع الشروط والعراقيل لقبول التبرعات فى مستشفيات الدولة فيقف المتبرع بالباب طالبا السماح له بتقديم التبرع فيقبل أو يرفض؟ هذا يحدث الآن بالفعل لماذا يرفض يا سيدى: ربما كان لأصحاب الأمر رؤية كأن المؤسسة لا تحتاج هذا الجهاز (كثيرا ما يتبرع البعض بأجهزة ولا يفضلون التبرعات النقدية وهذا فى رأيى الأفضل). هل بالفعل استكملنا كل استعداداتنا وانتهى الأمر؟
سيدى ليس هناك على وجه الإطلاق عيب فى أن تدعم الدولة وبقوة مشروعا يدعم فيه المواطن مستشفى قد يلجأ إليه يوما أو يعالج فيه بالمجان أخ له فى الإنسانية ومواطن آخر مصرى. ليس على الدولة حرج فيما يحدث الآن لكن الحرج بالفعل. يقع على من يملك تغيير أوضاع تعوق أن يتبنى المجتمع المدنى المشاركة فى دعم المستشفيات ولا يفعل وهأنا بدأت.
دولة الرئيس: أدعوك وكلى رجاء أن تتبنى مشروعا قوميا لدعم مؤسسة معهد القلب القومى ففى ذلك دون أى شك دعم للدولة ومشروعها فى مجال الصحة.
نحن لا نطمح لجمع التبرعات المالية إنما نطمح إلى ما هو أبعد بكثير.. نطمح إلى أن يساندنا المصريون فى تنفيذ أحلامنا وتحويلها إلى واقع يحقق لهم الأمانة من غدر المرض بهم فى وقت حاجة وتحقق لنا النجاح فى أداء رسالتنا.
دولة الرئيس: نحن فى انتظار أول تبرع شخصى من السيد المهندس مصطفى مدبولى لتحقيق وتنفيذ مشروع من مشروعات معهد القلب المستقبلية، كل عام وسيادتك بخير.