حوار مفتوح: نحو مرحلة جديدة فى العمل العربى المشترك.. شروط القيادة سبل تحقيق عمل عربى جاد
رخا أحمد حسن
آخر تحديث:
الجمعة 19 يونيو 2020 - 11:25 ص
بتوقيت القاهرة
فى مواجهة التحديات والعقبات التى تمنع انطلاق مرحلة إيجابية جديدة فى العمل العربى المشترك، دعت «الشروق» عددا من الكتاب والمفكرين والمتخصصين العرب لإجراء حوار بشأن الشروط التى يجب توافرها فى دولة أو ائتلاف عربى يتولى مهام القيادة فى النظام العربى ويتغلب على هذه التحديات. وكان أول من استجاب لدعوتنا المفكر العربى الكبير ووزير التربية والتعليم الأسبق فى دولة البحرين الدكتور على فخرو. وبطبيعة الحال فإن الآراء المنشورة فى سلسلة مقالات «حوار مفتوح: نحو مرحلة جديدة فى العمل العربى المشترك.. شروط القيادة» تعبر عن أصحابها فقط وليس عن وجهة نظر «الشروق».
شهد العقدان الأخيران تراجعا كبيرا فى العمل العربى المشترك لعدة أسباب بعضها يرجع إلى الدول العربية، والبعض الآخر يرجع إلى القوى الإقليمية والدولية. فقد غلب على الدول العربية الاتجاه تارة إلى المحاور سواء الجماعية أو الثلاثية والثنائية، كما حدث تقسيم اختيارى ما بين دول عربية غنية، ودول عربية فقيرة، ودول عربية قوية ومتقدمة تملك مقومات القوة الناعمة وأخرى غنية لا تملكها وأصبحت سمات التفاخر بعد ثورات الربيع العربى، ودخول عدة دول عربية فى حروب داخلية وفتح باب التدخل على مصراعيه لدول عربية وإقليمية للتدخل فى أزمات هذه الدول بطرق مباشرة مثل اليمن وسوريا وليبيا والعراق ولبنان، وبطرق غير مباشرة فى دول أخرى.
والنتيجة مزيد من الانقسام، والتباعد، وغياب قيادة للعمل العربى المشترك سواء قيادة دولة عربية أو مجموعة دول أو قيادة جماعية.
وإزاء حدة حالة الانقسام هذه وغياب أهداف عربية متفق عليها وفق خطة عمل موحدة، وغياب مفهوم عام للأمن القومى العربى يحدد المخاطر الأساسية وفق شدة خطورتها وأولوياتها، ويحدد خطة شاملة وبرامج عمل متفق عليها ويعمل بها. ومما زاد الأمر تعقيدا المنهج الفردى أو الأحادى فى اتخاذ القرارات العربية سواء على المستوى القطرى أو المستوى القومى وتغليب الرؤى الخاصة على الأهداف العامة. وأصبح الأمر أكثر خطورة بانتقال عدوى الأحادية والتميز من النخب الحاكمة إلى قطاعات من الرأى العام ساعد على سرعة انتشارها وسائل التواصل الاجتماعى بلا حسيب أو مراجع لما قد يكون فيها من أضرار كبيرة بالمصالح العربية المشتركة.
إن العمل على الخروج من هذه الحالة المتأزمة المتفرقة يتطلب معالجتها فى إطار واقعى يأخذ فى الاعتبار طبيعة اتخاذ القرارات فى الدول العربية وفى إطار العمل العربى المشترك والذى لا يأخذ فى الغالب الأعم إلا بالقرارات التى تأتى من القمة. ومن ثم تكون على جدول أعمال القمة العربية القادمة بدفع من الأمين العام لجامعة الدول العربية بالتضامن مع مجموعة من وزراء خارجية الدول العربية الراغبة فى استعادة قوة وفاعلية التضامن العربى الحقيقى والعمل العربى المشترك فى إطار قيادة جماعية على نمط الاتحاد الأوروبى.
وبالتوازى مع ذلك وحتى لا يضيع الهدف ويتوه فى زحام الأزمات العربية يتم تكليف رسمى لمراكز البحوث العربية، وهى موجودة الآن فى عدة دول عربية بالقيام بعمل دراسات منفصلة لكل مركز منها، ثم قيام جميع المراكز التى أعدت دراسات بدمج هذه الدراسات فى ورقة عمل عربية مشتركة تتضمن عدة أهداف وموضوعات منها:
• تحديد مفهوم عام للأمن القومى العربى، والمخاطر القائمة والكامنة التى تهدد أمن واستقرار الدول العربية، مع تحديد درجات وأولويات هذه المخاطر.
• تحديد مجموعة أهداف للعمل العربى المشترك فى المجالات الأساسية التى تدعم العلاقات الفعلية وفى مقدمتها التنمية الشاملة والاستثمار والتجارة، والنهوض بالقوة العربية الناعمة.
• وضع محددات أساسية للعلاقات مع دول الجوار المباشر للدول العربية، وفرز موضوعى وجيد لما هو مشترك وأساسى فى العلاقات مع هذه الدول، وما هو موضع اختلاف أو منافسة وعدم التصعيد فيما هو مختلف عليه وإضاعة المصالح المشتركة، والاستفادة من تجارب المجموعات الإقليمية الأخرى.
• تحقيق التوازن فى العلاقات مع القوى الكبرى والتجمعات الدولية من منطلق الأولوية للأمن القومى العربى دون أن تتجاوزه المصالح الضيقة، والمحافظة على مساحة من استقلالية القرار العربى وفرض احترام الحقوق العربية وفقا للقانون الدولى دون تنازل.
• العمل على تنمية كل ما هو مشترك عربيا والبناء عليه وتقليص بل وتجاوز كل ما هو مختلف فيه إعلاء للمصلحة العليا والأمن القومى العربى.
وهذا كله يتطلب دعما ومشاركة قوية من أجهزة الإعلام العربية وكبار الكتاب والمفكرين ومنظمات المجتمع المدنى وكل من له تأثير على الرأى العام القطرى والقومى العربى.