للهجاء وقت.. وللفهم وقت
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
ماذا لو قرر الإخوان المسلمون أن يشاركوا بفعالية فى النظام الحالى، ثم حصلوا على الأغلبية فى انتخابات مقبلة.. كيف سيكون التصرف حيالهم؟ هذا السؤال المفخخ طرحه محلل أمريكى فى أحد الاجتماعات التى شاركت فيها فى «واشنطن»، وعلى شاكلته انصبت أسئلة وملاحظات عدة حول مستقبل النظام السياسى المصرى دون الاكتفاء بقراءة الواقع أو حتى تحليل ما حدث.
السؤال غير برىء، لأنه يفترض أن سبب إزاحة الإخوان المسلمين من الحكم هو هويتهم، وليس الإخفاق السياسى والاقتصادى، واستبعاد المعارضين، وتدهور حقوق الإنسان، والتحكم فى مفاصل الدولة، وعدم القدرة على وضع سياسات عامة تحقق أهداف ثورة 25 يناير، التى أصبح الرئيس السابق محمد مرسى مرشحا لها فى جولة الإعادة أمام الفريق أحمد شفيق. ويشهد لقاء «فيرمونت» الشهير على التحول من مرشح الإخوان إلى مرشح الثورة... باختصار مغزى السؤال هو أن النظام السياسى الجديد يتشكل على استبعاد الإسلاميين وليس استيعابهم؟.
السؤال غير واقعى، لأن الإسلاميين بجميع فصائلهم لا يستطيعون أن يحققوا الآن مفاجآت فى الانتخابات بعد تراجع شعبيتهم بشكل مذهل. ولكن الخطاب الإعلامى، وأحيانا السياسى، المتصاعد ضد الإخوان المسلمين يجد صداه فى الدوائر الأمريكية، التى تعتبره مؤشرا على إقصاء يُمارس ضد الإسلاميين، وينظرون إلى الخطاب الرسمى الذى يدعو إلى استيعاب كل القوى والفصائل السياسية بوصفه حديث علاقات عامة ليس له صدى على أرض الواقع.
خطأ وسائل الإعلام، وكثير من الساسة والكتاب، أنهم يتصورون أنهم يخاطبون المجتمع المصرى فقط، فى حين أن العالم يتابع، ويتأمل، ويراقب. يتصورون أن دورهم يكون بتعرية خطايا الإخوان المسلمين، وينسون أن العالم يعرف هذه الخطايا جيدا، بخاصة الدوائر الغربية المسئولة عن الملف المصرى، ولا ننسى أن هناك وساطات بذلها أوروبيون وأمريكيون على مدار شهور طويلة، بخاصة «آشتون» لإثناء الإخوان المسلمين عن موقفهم، وتشكيل حكومة موسعة تضم أطيافا من المعارضة. لم يستمع لها محمد مرسى، وبالتالى هم يعرفون أن الإخوان المسلمين فشلوا فى بناء نظام سياسى يستوعب الاختلاف والتعددية، ويعزز الممارسة الديمقراطية.
الحوار الآن يدور حول «المستقبل»، بخاصة موقع الحركة الإسلامية من الهندسة السياسية الجديدة. قد يعكس ذلك تعاطفا لم ينقطع للإخوان المسلمين، لكنه يشير أيضا إلى وجود قلق على مستقبل يتشكل حاليا، ولا توجد بالنسبة لهم ضمانات بأنه لن يحمل بصمة الأخطاء السابقة.
أعرف أن هناك خطابا فى مجتمعنا يهجو العالم الخارجى الذى يصر على عدم التسليم بما حدث فى مصر من تحولات، والبعض يتجه ـ فى المقابل ـ إلى استعادة خطابات تنتمى إلى مراحل سياسية سابقة تدور فى فلك القومية إلى حد الدعوة إلى إغلاق النوافذ، والاعتماد فقط على الذات، والتمحور حول الخصوصية المصرية.. جميعها دعوات لها شجن وتأثير، لكنها لم تخضع لنقاش جاد، وفيها استغناء عن العالم فى غير محله.
السؤال لم يعد الآن «انقلاب أم ثورة»، لأن الواقع سبقه، وأصبح الحديث ينصب عما سوف يفعله المصريون فى المستقبل، هل لدينا تصور لمضمون المستقبل وليس فقط خطواته الزمنية؟