«البيجر الآمن» ينفجر فى وجه أصحابه!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

ما الذى حدث فى لبنان عصر أمس الأول الثلاثاء؟

وكيف انفجرت أجهزة البيجر فى قادة وكوادر وكبار مسئولى حزب الله الذين كانوا يحملونها. وربما السؤال الأهم: كيف تمكنت إسرائيل من تسجيل هذا الاختراق السيبرانى غير المسبوق؟
بعد الحادث الخطير امتلأت المواقع الإلكترونية بالعديد من الأخبار والقصص والروايات عما حدث.


جهاز البيجر أو البليب كان شائع الاستخدام قبل ظهور أجهزة الهواتف المحمولة .. والآن يستخدم فقط فى المستشفيات لأن ذبذبات الهواتف تؤثر على الأجهزة الطبية الموجودة بالمستشفى. كما تفضل بعض المؤسسات الأمنية استخدام هذا البيجر ــ أو أجهزة شبيهة ــ لأنه يستخدم تكنولوجيا قديمة جدا، تجعل من الصعب اختراقه.
لكن من الواضح أن الأجهزة التى ظن حزب الله أنها آمنة كانت هى أخطر اختراق تعرض له ربما منذ تأسيسه.
ويبدو أن التطوير المهم الذى حدث هو دخول بطاريات الليثيوم الحديثة له، وربما كانت «كعب أخيل» الذى نفذت منه إسرائيل إلى تلك الشحنة التى وصلت إلى حزب الله.
ولكن كيف حدث ذلك؟
وإلى أن تكشف إسرائيل حقيقة ما حدث فإن الإعلام وخبراء الاتصالات والأمن السيبرانى يرجحون عدة احتمالات لحدوث هذا الاختراق.
علميا فإن بطارية الليثيوم يمكن أن تسخن حتى درجة حرارة تتراوح بين ٦٠ ـ ٧٠ درجة مئوية فى حالات الاستخدام المكثف أو الشحن لفترة طويلة، وحينما تتلف البطارية فإنها تمر بعملية «الهروب الحرارى» حينما ترتفع درجة الحرارة بشكل لا يمكن السيطرة عليه مما يسبب انفجارا أو اشتعالا مفاجئا.
وهناك احتمال أنه تم ادخال فيروس إلى شبكة الاتصال المشفرة التابعة للحزب عبر إرسال رسالة إلى أصحاب الأجهزة، مما أدى إلى انفجار كهربائى فى وحدة الطاقة الخاصة بالأجهزة التى يتم توزيعها على القيادات والنخبة والعناصر الميدانية المهمة.
الرواية شبه الرسمية نقلتها مصادر أمنية لـقناة الميادين وأهمها أن أجهزة «البيجر» التى انفجرت كانت مفخخة من المصدر عبر قطعة «آى سى» فى جهاز «البيجر» واحتوت المواد المتفجرة، وأن هذه المواد المفخخة والمتفجرة لا تكشف عند أى فحص عبر الأجهزة المتعارف عليها، والتفجير نُفّذ عبر الرسالة بتكنولوجيا متطورة أيقظت المادة المخفية المتفجرة. ولم تكن بطارية «البيجر» فى ذاتها هى التى أوجدت الموجة الانفجارية بل كانت مادة الليثيوم التى تغذى «البيجر» عند استقبال الرسالة المتسببة فى التفجير.
تقول الرواية أيضا إن أجهزة «البيجر» المطفأة وتلك التى فى المناطق الخالية من الإرسال كلها لم تنفجر، تمامًا كما أجهزة «البيجر» من الأنواع القديمة. وإنه بحدود 4 ثوان، بعد تلقى صوت التنبيه بوصول رسالة نصية، انفجرت الأجهزة تلقائيا، سواء فى وجه من فتحها أو من لم يفتحها.
وأخيرا وكما تقول المصادر الأمنية القريبة من الحزب فلم يكن فى الإمكان لأجهزة الكشف المتوافرة وحتى لدول ومطارات عالمية كشف المادة المفخخة المزروعة وبتقنيات مركبة لخوارزميات خاصة بهذه العملية.
وزير الداخلية اللبنانى الأسبق مروان شربل قال لقناة «القاهرة الإخبارية» إن ما حدث خرق أمنى استخبارى سيبرانى، ولمعرفة كيف حدث، فلابد أن نعرف كيف وصلت الأجهزة إلى الحزب ومن أى معمل أو مصنع انطلقت، وحينما نعرف البائع وخط سير الشحنة يسهل تماما معرفة أين وكيف تم الاختراق.
وهناك تسريبات أن الشركة المصنعة تايوانية والوكيل مجرى.
رؤية أخرى مهمة لبعض الخبراء أن إسرائيل لجأت إلى زرع شحنات متفجرة لا تزيد على ٢٠ جراما فى كل جهاز سواء خلال عملية الإنتاج أو خلال عملية الشحن فى الميناء وقبل التسليم للحزب، ولم يكن مطلوبا بعد ذلك إلا تنشيط المادة المتفجرة.
وإن التنشيط تم عبر رسائل تم إرسالها لمجموعات كبيرة من حزب الله وعملية التنشيط استغرقت فقط ٢٠ دقيقة هى الوقت ما بين أول وآخر تفجير للأجهزة فى مناطق مختلفة من لبنان خصوصا فى الضاحية الجنوبية بالعاصمة مقر الحزب وبعلبك، وكذلك فى سوريا فى الأماكن التى تواجد فيها أعضاء الحزب وبعضهم كان فى دمشق، وكان الأكثر لفتا للانتباه أن بين المصابين مجتبى أمانى السفير الإيرانى فى بيروت، لأنه كان يحمل جهازا.
لكن السؤال المهم هو: هل كان لدى إسرائيل قائمة كاملة بأسماء كل من يحمل هذه الأجهزة، أم أنها كانت تعرف فقط الأرقام المسلسلة للأجهزة وقامت باستهدافها عبر تسخين البطاريات بصورة كبيرة مما أدى إلى انفجارها.
المسئول السابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكى إدوارد سنودن يرجح أن تكون متفجرات مزروعة وليس اختراقا.
«يديعوت احرونوت» قالت إن حزب الله اشترى أجهزة «الراديو البيجر» فى الأشهر الأخيرة بعد اندلاع الحرب، وأنها كانت من أحدث طراز، فى حين قالت مصادر إعلامية غير مؤكدة أن الحزب تسلم الأجهزة من إيران.
ما حدث يستحق نقاشا طويلا ومعمقًا لأنه يكشف أننا لا نواجه عدوًا عاديًا وأن مواجهته لا تتم بالكلام والشعارات والبيانات بل بالعلم والمعرفة وامتلاك القدرات الشاملة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved