من الذى باع الدستور؟
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 10:17 ص
بتوقيت القاهرة
عقب بيع جريدة الدستور، تناثرت الكتابات حول هدف الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد من شرائها، وكان ثمة إجماع على أن فى الأمر صفقة، فالرجل عميل للحكومة، أراد أن يشترى الجريدة لـ«يفطسها»، ويحيلها إلى مطبوعة موالية، أو فى أحسن الفروض، يهذب صخبها، ويكتم صوتها الزاعق، ويحيل شراستها الجامحة إلى استئناس ودعة، مقابل عدة مقاعد لحزبه فى انتخابات البرلمان المقبلة، وتضمنت الصفقة أيضا حصول رئيس التحرير إبراهيم عيسى على مليون جنيه للموافقة على اتمامها.
بدا حديث المؤامرة مغريا، ففيه من الإثارة والغموض واحتمالات التذاكى وادعاء العلم ببواطن الأمور الكثير، لكن معرفتى بالدكتور البدوى وبحزب الوفد، جعلتنى أستبعد تماما فكرة «الصفقة»، ودفعتنى إلى مهاتفة صديقى إبراهيم عيسى لأسأله مازحا: «إيه يا أبويحيى، يعنى لما تآخد مليون جنيه مش تبشبش حبايبك؟
ـــ والله يا عمدة لو معايا مليون جنيه ما أخرج من بيتنا؟
ـــ طيب إيه الموضوع؟
ـــ أبدا، الدكتور السيد عاوز «باور» إعلامى يساعده فى الانتخابات اللى جاية، يضاف إلى جريدة الحزب وقنوات الحياة، والدستور جورنال ناجح بيوزع سبعين ألف نسخة يوميا، مع شوية إعلانات وتطوير ممكن يبقى أحسن بكتير، يعنى لا فيه مؤامرة ولا بتاع.
ونعرف الآن من تصريحات أحمد عصام فهمى، أن البدوى لم يكن طرفا أصيلا فى عملية الشراء، بل إنه دعى للمساهمة بطلب من فهمى وعيسى ورضا إدوارد.
وليس خافيا أن عصام فهمى كان عضوا بالهيئة العليا للوفد، ومن الجناح الموالى للبدوى فى مواجهة محمود أباظة رئيس الحزب السابق، أى إنه يعرفه ويعرف إدوارد جيدا، وموافقته على البيع مع هذه المعرفة تبرئ المشترين، أو تجعله طرفا فى الصفقة الموهومة إن وجدت، وهو ما استبعدته منذ البداية.
الأرجح أن الأزمة وليدة صراع بين إرادتين، إحداهما تملك، ومن السذاجة أن يدفع لتسيير الأمور على غير هواه، والثانى هو مبدع التجربة ومنشئها من العدم، ويشق عليه أن يرمى بوليده فى حضن غيره، وهذه هى المعضلة التى يتوجب أن تنصرف إليها جهود مجلس النقابة: كيف نقنن العلاقة بين مالك الصحيفة والعاملين فيها بما يحفظ لكل طرف حقوقه.
أما ما يؤلم فعلا فهم صحفيو الدستور الذين ظلموا من جميع الأطراف، وعملوا سنوات بمكافآت أقل بكثير مما يتقاضاه زملاؤهم فى الصحف الأخرى، إيمانا برسالتهم ودفاعا عن قناعاتهم ورؤاهم فى التغيير حتى لو اختلفنا معها.
مصير هؤلاء بين يدى مجلس النقابة، ليس فقط تأمينا لعيشهم ومصدر رزقهم، وإنما أيضا تمكينا لهم لأداء رسالتهم دون قيود.