إذا كان كبار وصغار رجال الأعمال وأعضاء البرلمان والممثلون والممثلات ورجال الكنيسة وحتى الأرجنتينى فيكتور كوبر وأعضاء الجهاز الفنى للمنتخب الوطنى ليس فقط يؤيدون الرئيس عبدالفتاح السيسى، وإنما يناشدونه كى يترشح لفترة رئاسة ثانية، فهل يظل لـ«العرس الانتخابى» الذى ينتظره العالم وتنتظره مصر بعد شهور قليلة أى معنى؟
هذا المشهد الذى يتسابق فيه كثيرون لكى يناشدوا الرئيس ليترشح لفترة رئاسة ثانية، يسىء لمصر أبلغ الإساءة، ويجعل كل ما يقال عن السعى إلى إقامة نظام سياسى ديمقراطى تعددى مجرد كلام لن يصدقه عاقل.
فالأصل فى أى نظام سياسى يدعى الرشاد والاستقامة أن يبادر الرئيس الذى تقترب فترة حكمه الأولى من النهاية بإعلان رغبته فى فترة حكم ثانية، ويحاول إقناع الشعب وصناع الرأى العام ونجوم المجتمع بأحقيته فى فترة الحكم الثانية، بما حققه من إنجازات وما يعتزم تحقيقه من إنجازات أكثر، ثم يأتى المرشحون المنافسون الذين يحاولون إقناع الشعب والناخبين بشكل خاص بأن الرئيس الذى أدت سياسته إلى زيادة الأسعار بأكثر من 100% فى العديد من السلع الرئيسية، والذى ضاعف الدين العام الداخلى والخارجى، لا يستحق فترة رئاسة ثانية وأنهم الأحق بالمنصب الرفيع.
لكن وبسبب الواقع المرير، فقد انطلقت حملات دعائية بأسماء عديدة تناشد الرئيس، أن يقبل الاستمرار فى حكم الشعب لفترة ثانية، وتقول للمصريين «لا حاجة لإجراء الانتخابات الرئاسية ولا حاجة للذهاب إلى مراكز الاقتراع لأنه ببساطة لن تكون هناك انتخابات حقيقية».، فالرئيس المرشح يحظى بدعم الدولة كلها، ولا وجود لمرشح معارض وبالتالى فالنتيجة محسومة.
الكارثة التى لا يدركها هؤلاء، أن ما يفعلونه سيضر بالسلطة وبرأسها أكثر مما يفيد.
فالرئيس فى كل مناسبة يدعو الشعب إلى المشاركة بكثافة فى الانتخابات المقبلة، وشرعية نتيجة أى انتخابات ومصداقيتها ترتبط بدرجة كبيرة بحجم التصويت، فكيف يتصور القائمون على أمر هذه الحملات البائسة أنه سيكون لدى أكثر الناس تأييدا للسلطة الحالية الحماس أو الرغبة فى الذهاب إلى مراكز الاقتراع للمشاركة فى انتخابات نتيجتها محسومة قبل أن تبدأ؟
المفارقة أن مصر لا تحتاج إلى حملات تناشد الرئيس الترشح لأنه سيترشح، لكنها تحتاج إلى حملات للبحث عن شخص يقبل القيام بدور المرشح المنافس فى الانتخابات المقبلة، حتى لا نضطر إلى نشر مناشدات لأصحاب القلوب الرحيمة أن يترشحوا فى الانتخابات الرئاسية المقبلة لضمان توافر الحد الأدنى لإقامة «العرس الانتخابى» لأنه لا يوجد عرس بدون مرشح ينافس الرئيس.
أخيرا هل تتكرم الحكومة وتشرح لنا، كيف تترك، فى ظل قانون الطوارئ وقانون التظاهر وترسانة القوانين سيئة التفصيل التى نعيش فى ظلها الآن، أشخاصا يوزعون استثمارات ويجمعون توقيعات لغرض سياسى حتى لو كان هذا الغرض هو دعم الرئيس؟ وهل حصل منظمو هذه الحملات على التصاريح الأمنية مسبقا؟ وهل يمكن السماح بحملات مضادة بنفس هذا التسامح والروح الطيبة من جانب الدولة وأجهزتها؟