تغير استراتيجية الولايات المتحدة يفرض على إسرائيل إعادة التفكير فى استعداداتها فى الشرق الأوسط
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 10:45 م
بتوقيت القاهرة
الزيارة الخاطفة المنتظرة لوزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو إلى إسرائيل، فى إطار حملة تهدئة فى الشرق الأوسط، واتهام إيرانى جديد بشأن هجوم إسرائيلى على إحدى ناقلاتها للنفط فى البحر الأحمر، واللقاء الاستثنائى نسبيا بين رئيس الأركان ورئيس أزرق أبيض ــ تراكم الأحداث فى الأيام الأخيرة أثار انطباعا معينا بالذعر فى المنطقة. وبينما يربط جزء من وسائل الإعلام كل هذه الأمور معا ــ ويقولون إن اللقاء بين كوخافى وبنى غانتس يجرى على خلفية هجوم إيرانى محتمل ــ من السهل التفكير فى أن الإيرانيين عادوا مجددا ليشكلوا خطرا وشيكا.
لكن يبدو أن ما يربط بين هذه الأمور معا ليس بالضرورة تهديدا مباشرا، بل عملية طويلة الأمد. صحيح أن إسرائيل تتخوف من خطط انتقام إيرانية، لكن هذه تتبلور منذ أشهر. التغيير الأساسى هو استراتيجى أكثر مما هو عملانى أو تكتيكى: الولايات المتحدة تسرّع انسحابها من الشرق الأوسط، وفى الخلفية يتصاعد نفوذ إيران الإقليمى، ومعه تزداد ثقتها بنفسها. هذه هى العلاقة التى تربط زيارة بومبيو بهذا كله. على ما يبدو، وأيضا هذا هو السبب المركزى للاجتماع بين كوخافى وغانتس، والذى جرى فى ذروة مفاوضات ائتلافية متعثرة، وعلى خلفية المطالبة بميزانيات استثنائية للجيش.
فى الشهر الأخير وقعت حادثتان دراماتيكيتان فى الشرق الأوسط: الهجوم الإيرانى على منشآت النفط السعودية فى 14 سبتمبر، والمحادثة الهاتفية بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى 6 أكتوبر. الولايات المتحدة امتنعت من الرد على القصف المتعمّد الذى تسبب بضرر كبير لحليفتها السعودية. حتى الآن، جرى الحديث فقط عن هجوم عقابى سيبرانى ضد الإيرانيين، حجمه غير واضح. بالإضافة إلى ذلك، موافقة الرئيس الأمريكى على إخراج القوة العسكرية الأمريكية الصغيرة من شمال شرق سورية مهدت الطريق أمام هجوم تركى كثيف على الأكراد.
الخيط الذى يربط بين الحدثين هو انخفاض حاد فى الاستعداد الأمريكى لتوظيف جنود وموارد فى المنطقة. كل هذا مغلّف بكلام لا ينتهى يأتى مرات عديدة فى اليوم من أعماق تيار وعى ترامب. ومع هذا، فإن الخلاصة واضحة جدا ــ يعتقد الرئيس الأمريكى أنه حان الوقت لوضع حد لما يسميه «الحروب التى لا تنتهى» للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.
السعودية ودولة الإمارات، الجارتان القريبتان من إيران، منزعجتان من العجز الأمريكى بصورة خاصة. لكن إسرائيل أيضا لديها سبب للقلق. الانسحاب الأمريكى يطرح أسئلة بشأن مدى التزام ترامب بإسرائيل فى وقت الشدة، بينما أثبت الهجوم فى السعودية جرأة إيرانية كبيرة، ومهارة عملانية كبيرة، وقدرة على التنفيذ مدهشة. وهذه القدرة تفرض القيام بتغييرات فى أنظمة الدفاع والاعتراض الإسرائيلية التى ركزت طوال سنوات على الرد على نار صاروخية منحنية المسار (صواريخ وقذائف)، وليس على تهديد خاطف قريب من الأرض، تشكله الصواريخ البحرية وهجمات الطائرات المسيّرة (طائرات من دون طيار). فى مرحلة أولى ستكون هناك حاجة إلى أكثر من 300 مليون شيكل للقيام بتحسين سريع لانتشار البطاريات الاعتراضية. وفى المستقبل من المنتظر أن تزداد المبالغ أكثر.
فى جلسة الطاقم الوزارى المصغر التى عُقدت فى الأسبوع الماضى، جرى الحديث عن الحاجة إلى زيادة 4 مليارات شيكل سنويا على ميزانية الأمن لمدة عشر سنوات. ويلامس هذا إلى حد ما رؤية «الجيش الإسرائيلى فى سنة 2023» التى بلورها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فى خطوطها العامة، فى مطلع هذه السنة، وقبل التطورات الأخيرة. حتى الآن لم تُتخذ أى قرارات. غانتس مستعد أكثر من سائر قادة الحزب للبحث فى تسويات خلاقة مع نتنياهو على طريق حكومة وحدة. الظروف الأمنية والاقتصادية يمكن أن تزوده بالحجج، وبالتأكيد إذا حدث تصعيد إضافى فى الخليج.
فى الخلفية، يتعين علينا الإصغاء إلى الكلام الذى سُمع أمس فى طهران. فى الأسبوع الماضى، وبينما كانت الأنظار كلها موجهة إلى ما يجرى فى شمال سوريا، وقعت حادثة غامضة فى البحر الأحمر، ناقلة نفط إيرانية تعرضت لهجوم فى أثناء إبحارها بالقرب من شواطئ السعودية. لقد استغرق الإيرانيون وقتا كى يصلوا إلى استنتاج بشأن ما حدث هناك، لكن ادّعى عضو مجلس الأمن القومى فى طهران أن إسرائيل والسعودية متورطتان فى الهجوم الذى وقع بعد سلسلة هجمات إيرانية مشابهة ضد ناقلات كانت فى طريقها إلى السعودية واتحاد الإمارات. بكلام آخر، الحساب الإيرانى مع إسرائيل لا يزال مفتوحا ــ وعاجلا أم آجلا ستجرى محاولة أُخرى لتصفيته.
عاموس هرئيل
هاآرتس