الانعكاسات الطاقوية المترتبة على «طوفان الأقصى»

قضايا إستراتيجية
قضايا إستراتيجية

آخر تحديث: الأربعاء 18 أكتوبر 2023 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، تناول فيه التداعيات المحتملة لعملية «طوفان الأقصى» على إمدادات الطاقة.. إذا من المحتمل غلق بعض الممرات البحرية فى حال استمرت الحرب وتوسعت رقعتها مما يؤثر على أسعار النفط فى الأسواق العالمية... نعرض من المقال ما يلى.
تركت معركة «طوفان الأقصى» آثارا على كل من الأسواق العالمية وإمدادات الطاقة المحلية خلال الأسبوع الأول من المعارك بين حركة «حماس» الفلسطينية وإسرائيل.
تذبذبت الأسعار مع استمرار المعارك وتصاعد التصريحات. ارتفعت أسعار النفط مباشرة بعد بدء المعارك نحو 4 دولارات للبرميل لتسجل نحو 87 دولارا لبرميل نفط برنت، خوفا من تصعيد المعارك وتوسع رقعتها مستقبلا ما قد يؤثر على إمدادات النفط العالمية أو احتمال إغلاق بعض الممرات البحرية فى حال استمرار الحرب وتوسع رقعتها. لكن تراجعت الأسعار إلى نحو 85 دولارا لبرميل برنت بعد 3 أيام رغم استمرار العمليات العسكرية.
محليا، أعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الطوارئ فى قطاع الطاقة لمدة أسبوعين؛ حيث تم إبلاغ شركة «شيفرون» إغلاق الإنتاج فى حقل «تمار» البحرى، ثانى أكبر حقل غازى فى إسرائيل، الذى يبعد نحو 180 كيلومترا عن قطاع غزة. ستتولى «شيفرون» تصدير الغاز الإسرائيلى إلى مصر من حقل «ليفياثان» الضخم، الذى تملك الشركة الأمريكية حصة فيه أيضا. كما من المحتمل أن يتم استبدال وقود آخر بالغاز، يرجح أن يكون الفحم الحجرى، الذى كان يحرق فى المحطات الكهربائية قبل استعمالها الغاز.
بلغ إنتاج «تمار» نحو 48 مليون متر مكعب يوميا من الغاز فى عام 2022. وتشارك شركات عالمية عدة فى امتلاك حصص فى الحقل، على رأسها «شيفرون» الأمريكية (حصة 25 فى المائة)، و«إسرامكو» الإسرائيلية (28.75 فى المائة)، و«تمار بتروليوم» الإسرائيلية (16.75 فى المائة).
توسعت صناعة الغاز فى كل من مصر وإسرائيل خلال العقدين الماضيين، وازدادت العلاقات الغازية المشتركة بينهما. إذ تصدر كل من إسرائيل وقبرص الغاز إلى محطتى تسييل الغاز المصريتين (إدكو ودمياط) لإعادة تصدير الغاز الطبيعى المستورد من البلدين بوصفه غازا مسالا إلى الأسواق الأوروبية. بينما تفادت إسرائيل من جانبها تشييد محطة لتسييل الغاز على سواحلها الشمالية أو الجنوبية لأسباب أمنية.
وأعلنت مصادر صناعية أيضا، فى منتصف الأسبوع الماضى، أن شركة «شيفرون» أوقفت تصدير الغاز عبر خط «أنابيب غاز شرق المتوسط» البحرى بين إسرائيل ومصر. وقد بدأت تصدير الغاز الإسرائيلى إلى مصر عبر «خط الغاز العربى» فى الأردن. ويمتد خط «أنابيب غاز شرق المتوسط» من عسقلان فى جنوب إسرائيل، على بُعد نحو 10 كيلومترات شمالى غزة إلى العريش فى سيناء؛ حيث يتصل هناك بخط برى إلى محطات التسييل. وعزت المصادر الصناعية السبب فى توقف استعمال خط «أنابيب غاز شرق المتوسط» إلى احتدام القتال فى القطاع القريب منه.
تتصدر مصر صناعة الغاز فى شرق المتوسط. وقد ارتفع الإنتاج الغازى المصرى بشكل ملحوظ منذ عام 2017، مع بداية الإنتاج من حقل «ظهر» العملاق الواقع شمال الإسكندرية بالقرب من المياه القبرصية الجنوبية. بلغ إنتاج «ظهر» الذى اكتشفته شركة «إينى» الإيطالية نحو تريليون قدم مكعب من الغاز خلال عام 2021. وهو أكبر حقل غازى فى البحر الأبيض المتوسط. وبلغ مجمل الإنتاج الغازى المصرى نحو 2.45 تريليون قدم مكعب خلال عام 2021. وقد استهلكت مصر فى عام 2021 نحو 87 فى المائة من إنتاجها المحلى. من ثم، تطرح مصر باستمرار مناقصات لاكتشاف حقول جديدة، خصوصا فى البحر الأبيض المتوسط لتلافى الاستهلاك الداخلى العالى للغاز الذى يستعمل فى تغذية محطات الكهرباء والمصانع البتروكيماوية والحديد والصلب. لكن يبقى السبب الرئيسى للاستهلاك الداخلى العالى، الازدياد السنوى المرتفع لعدد السكان؛ حيث تدل المعلومات السكانية للأمم المتحدة على أنه قد تجاوز مؤخرا 113 مليون نسمة.
اضطرت مصر، من أجل الإيفاء بالتزاماتها واتفاقاتها التصديرية طويلة الأمد، لاستيراد الغاز من الدول المجاورة لتسييله فى مصانعها التسييلية للغاز، الوحيدة من نوعها فى شرق المتوسط حتى الآن، ومن ثم التصدير إلى أسواقها الأوروبية. ومما ساعد على ذلك أيضا الضغوط الأوروبية والأمريكية لتصدير الغاز للأسواق الأوروبية، إثر مقاطعة الغاز الروسى عند نشوب حرب أوكرانيا.
أعلنت إسرائيل أنها بصدد ترحيل نحو مليون نسمة من سكان قطاع غزة الشمالى إلى جنوب غزة. ومن أجل تنفيذ هذه السياسة، ترتكب إسرائيل «نكبة» أخرى للشعب الفلسطينى، تلحقها بسياسة قطع إمدادات الطاقة، من كهرباء ووقود، والماء والغذاء عن أهالى غزة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved