مستر إكس.. حامى معبد دندرة
غادة عبد العال
آخر تحديث:
الخميس 18 نوفمبر 2010 - 1:04 م
بتوقيت القاهرة
فى كل متاحف العالم الأثرية لابد أن تجد قسما كاملا للآثار المصرية، وأنت كمصرى سفير لبلدك فى الخارج ــ لو إنت شخص مثقف بتاع متاحف يعنى ــ بتلاقى نفسك مدفوع بقوة ما إنك تعدى على القسم ده وتدخله وإنت منفوخ كده ونافش ريشك، تبص للناس اللى واقفين مبهورين حواليك بتأفف وإزدراء وممكن تميل على حد منهم وتشاور له على حاجة من المعروضات وتبدأ تستفيض فى الشرح متخيلا قبعة د. «زاهى حواس» الكاوبوى فوق دماغك متحدثا بثقة مطلقة مستمتعا بيهم وهم بيحركوا دماغهم إجلالا واحتراما لكلامك اللى غالبا 99% منه غلط ــ بس إيش فهمهم هم يعنى؟، دول أجانب ــ وما بتنساش طبعا إنك ترمى ــ بأكثر الأشكال البريئة إمكانا ــ بكلمتين عن إنك مصرى حفيد الفراعنة وتستنى رد الفعل اللى غالبا بيكون بصة من فوق لتحت من محدثك بتاخدها إنت على إنها علامة احترام، بينما بيكون هو تأكد فى اللحظة دى إن اللى بنوا الحضارة المصرية القديمة غالبا جاءوا من كوكب المريخ. هم بينى وبينك عندهم حق ومن حقهم يشكوا زى ما هم عايزين، بس ده مايمنعش برضه إن من حقك إنك تمشى مفتخر بنفسك وبجدودك وبآثارهم وبدورك التاريخى فى تشكيل حضارة الكرة الأرضية وكأنك كنت مقاول الأنفار أثناء مشروع بناء الهرم.
فى متحف «المتروبوليتان» بمدينة نيويورك أخدت صديقتى النيوزيلندية ورحنا هناك وطبقت الكلام اللى إنت قريته من ثوانى فوق ده بحذافيره، شرح مستفيض يتبعه محاولات اعتذار بعد قراءة الشرح الموجود بجوار كل قطعة، لغوشة متعمدة على أسئلتها من عينة «والفرعون ده كان من الأسرة الكام؟»، و«إيه اللى مكتوب على جدار المعبد هنا؟»..
المهم يعنى ربنا سترها وخرجت من كل المطبات والبنت كانت لسه منبهرة ومزبهلة ومقدرة ومجلة لحد دلوقت، كان هذا قبل وصولنا للقاعة المعروض فيها «معبدد ندرة» وقبل قراءتنا للوحة المكتوب عليها أن هذا المعبد كان هدية شخصية من «الرئيس السابق أنور السادات» للرئيس الأمريكى السابق «ريتشارد نيكسون». التفتت لى البنت متسائلة ومستنكرة: «هدية يعنى إيه؟ إنتوا بتدوا آثاركم للناس هدايا، أمال إيه بأه الهوسة اللى إنتوا عاملينها على راس نفرتيتى وبقية الآثار المسروقة دى؟»، طبعا هدأت من روعها وفهمتها إن سلو بلدنا كده. «أثارنا وإحنا حرين فيها وماحدش شريكنا، من أول محمد على اللى أهدى مسلة لفرنسا للخديو عباس اللى أهدى جميع معروضات متحف فرعونى لولى عهد النمسا لجمال عبدالناصر اللى أهدى شاه إيران السابق وزوجته العديد من لقطع الأثرية للرئيس السادات اللى كان أكثرهم كرما وكان بيهدى معابد بحالها، ما هو إحنا أساسا عندنا آثار أكتر من اللازم ومش معقول كل ما نمشى فى حتة نتكعبل فى أثر. البلد زحمة خلقة ومش ناقصين، ده غير إنه دورنا التاريخى بيحتم علينا إننا نشرك الناس الغلابة اللى مالهومش تاريخ زيكوا فى تاريخنا، شوفى حتى الناس واقفين مبهورين بحتة المعبد الصغير ده إزاى؟».
والناس فعلا كانو مبهورين بالمعبد الصغير المقام فى قاعة مهولة، تدخل القاعة نفسك ينخطف، وطريقة العرض بالإضاءة واستخدام النور والضل والمساحة المائية اللى محيطين بيها المعبد والاحترام والإجلال اللى بيتعامل بيه الزوار مع المعبد تخليك تحمد ربنا إنه هناك مش هنا، ده غير حارس الأمن الأنيق ببدلته وكرافتته اللى واقف يحذر الناس برفق وحزم «لو سمحتوا ممنوع التصوير، من فضلك ما تقربش قوى من جدار المعبد، لو سمحتى ما تلمسيش النقوش». مستر «إكس» ده بما إنى ما لحقتش أعرف اسمه فكرنى بزميله اللى واقف فى معبد الكرنك فى الأقصر، باستثناء إن التانى أخد 5 جنيه وسابنا نتصور جنب الجدران ونلمس النقوش والود وده كان لفلنا حجرين من المعبدو إحنا ماشيين. الطريقة اللى بينظر الزوار بيها للمعروضات، الأطفال الصغيرين اللى مستربعين على الأرض مع كراسات الرسم وبينقلوا الرسوم من على الجدران باحترام وانبهار وأهاليهم اللى بيدولهم معلومات أكتر من اللى أى حد فينا يعرفها رغم إن كلنا درسناها فى كتب التاريخ، طريقة العرض والاهتمام المبالغ من إدارة المتحف لإبراز جمال وجلال المعبد ومستر «إكس» المتيقظ دائما حامى حما معبد «دندرة» خلتنى أحمد ربنا إنه هناك مش هنا. ولحد ما نتعلم نحترم تاريخنا ــ على الأقل لأن وجوده ووجود آثاره من أهم مصادر دخلنا وأحد الأسباب المهمة إننا لسه ماجوعناش لحد دلوقت ــ، يبقى بلاش يرجع، خليه معروض هناك يمكن فى يوم يبقى لنا عين نطالب باسترجاع كل قطعة هناك لما نعرف قيمته هنا.