ما يستخدمه الأستاذ الجامعى فى التدريس
محمد زهران
آخر تحديث:
السبت 18 ديسمبر 2021 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
هناك سؤال قد يبدو سهلا لكن الإجابة عليه ليست بهذه السهولة، إذا كنت تقوم بالتدريس فى الجامعة فما الذى تستخدمه فى تدريس المادة؟ هل تستخدم كتابا؟ أم تستخدم مذكرات معينة كتبتها بنفسك، أم ماذا؟ وما أهمية هذا السؤال أصلا؟ هذا موضوع مقالنا اليوم.
لنبدأ بالاختيارات: يمكنك أن تستخدم كتابا جامعيا، فى الكتب الجيدة ستجد فى المقدمة بعض المساعدة من المؤلف عن الأبواب التى يجب تدريسها لو كانت المادة لطلاب فى السنة الأولى أو الثانية إلخ وستجد تمارين (أو تجارب حسب المادة العلمية) فى نهاية كل باب، هذا يساعد كثيرا الطالب فى دراسته والأستاذ فى تحضيره، لكن على الصعيد الآخر المعلومات فى الكتب قد تصبح قديمة إذا كان هذا الفرع من العلم يتقدم بسرعة لأن معدل نشر الكتب العلمية ليس بنفس سرعة التقدم العلمى، طبعا هذه المشكلة تكون أقل فى أساسيات العلوم التى لا تتغير بسرعة.
الاختيار الثانى هى كتابة الأستاذ لملزمة أو مذكرات يستخدمها للتدريس وقد يعطيها للطلبة أو يستخدمها هو فى الشرح ولا يعطيها للطلبة (ولا أدرى لماذا يفعل بعض الأساتذة ذلك) ويترك لهم مهمة كتابة المحاضرة أو الملاحظات، الاختيار الثالث هو استخدام الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات العلمية المعتبرة والمؤتمرات القوية، أهمية تلك الطريقة أن الأستاذ يستطيع دائما استخدام أحدث الأبحاث فى تدريسه بعكس الكتاب الجامعى الذى قد يحتاج طبعات جديدة بعد عدة سنوات ليواكب التقدم العلمى. طبعا لا نريد أن نتحدث عن الأسلوب الرابع وهو الأستاذ الذى يدخل المحاضرة ويتكلم بدون تحضير لأن ذلك لا يدخل فى نطاق التدريس، ولكن قد نسميه «خواطر دكتور».
الآن بعد هذه الرحلة السريعة فى الوسائل التى يستخدمها الأستاذ فى التدريس نأتى إلى سؤال مهم: أى الطرق أفضل؟
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على المرحلة الدراسية، كلما كان الطالب أصغر سنا وأقل خبرة كلما احتاج إلى توجيه أكثر وهذا ما يحققه الكتاب الجامعى، فى تلك المرحلة السنية يبدأ الطالب فى التعرف على أساسيات الفروع العلمية فى تخصصات كليته وهذا سبب آخر لتفضيل الكتاب الجامعى لأن الأساسيات لا تتغير بسرعة.
عندما يتقدم الطالب فى دراسته ويبدأ دراسة مواد متخصصة أو تخصصات دقيقة أو فى الدراسات العليا هنا يكون التدريس من أوراق بحثية أفضل لأنه يواكب التقدم العلمى من ناحية ويعطى الطالب فرصة للتدرب على كيفية قراءة ورقة بحثية (وهى مهارة تحتاج تدريبا) وكيفية التفكير النقدى (وهى مهارة أخرى تحتاج تدريبا)، لكن التدريس من أبحاث علمية يحتاج مجهودا وتحضيرا أكثر من الأستاذ.
أعتقد أن استخدام الأستاذ لملزمة هو مؤلفها تأتى فقط فى حالات خاصة، مثلا فى السنوات الجامعية الأولى مع عدم وجود كتاب جامعى جيد أو فى السنوات المتقدمة أو الدراسات العليا لكن الأوراق البحثية فى هذا التخصص كثيرة جدا وتحتاج تلخيصا أو شرحا، لكن فى كل الحالات قد يحتاج الأستاذ لتجديد ملزمته كل سنة إذا كان التقدم فى هذا الفرع العلمى يسير بخطى سريعة.
لا يجب أن نغفل فى حديثنا التقدم التكنولوجى وتأثيره فى مجال الدراسة والتدريس، وجود الكتب الالكترونية أصبح واقعا وأنا أثناء تدريسى قلما أجد طلابا يستخدمون الكتاب الورقى، ليس فقط لأن الكتاب الالكترونى أرخص ثمنا، ولكن لأنه قد يحمل المعلومات بطريقة مشوقة وأسهل فى الاستذكار مثل وجود مقاطع فيديو داخل الكتاب لشرح نقطة معينة أو التسهيل على الطالب والأستاذ لوضع ملاحظات (وتعديلها) داخل الكتاب نفسه إلخ. تأليف كتاب جامعى مع وضع فى الاعتبار النسخة الالكترونية يستلزم من المؤلف طريقة تفكير مختلفة لكن هذا موضوع لمقال آخر.
هناك نقطة أخيرة متعلقة بوسيلة التدريس أحب أن ألفت النظر إليها وهى مراعاة الظروف الاقتصادية للطلاب، الكتب الجامعية أصبحت غالية الثمن جدا خاصة الأجنبية منها؛ لذلك إذا كان الكتاب فوق مقدرة الطلاب فقد يكون من الأفضل للأستاذ كتابة ملزمة ليستخدمها الطلاب بدلا من دفعهم إلى شراء كتاب غالى الثمن، هذا طبعا ظرف استثنائى وإنسانى، أو قد يكون بالإمكان عرض نسخة إلكترونية للكتب بالمجان أو بثمن زهيد على وسائط مثل بنك المعرفة مثلا أو عن طريق اتفاق مع دور النشر.
وسيلة التدريس أحد أهم الأدوات فى يد الأستاذ ويدخل فيها أبعاد علمية واقتصادية، بل وإنسانية.