جهود بحثية عربية لدراسات الطاقة
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 18 ديسمبر 2024 - 7:50 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الشرق الأسط اللندنية مقالًا لخبير الاقتصاد العراقى، وليد خدورى، تناول فيه مظاهر الاهتمام العربى باقتصادات الطاقة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (الأدوار الطاقوية العربية فى كل من الإنتاج والاستهلاك على الصعيد العالمى)، كما ناقشت هذه الجهود العقبات التى تقف حائلا أمام تحقيق مستهدفات اتفاقية باريس للمناخ 2015.. نعرض من المقال ما يلى:
استضافت الرياض أوائل شهر ديسمبر الحالى «المؤتمر العالمى لاقتصادات الطاقة»، لأول مرة فى الشرق الأوسط، إذ تبنت الجمعية العالمية لاقتصادات الطاقة، والجمعية السعودية لاقتصادات الطاقة، العضو فى «المؤتمر العالمى لاقتصادات الطاقة»، عقد المؤتمر المتخصص حول اقتصادات الطاقة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. هذا، ويُعد المؤتمر جزءًا من سلسلة المؤتمرات المتخصصة الإقليمية الأخرى فى أوروبا وأمريكا الشمالية واللاتينية وآسيا.
عقد المؤتمر فى «مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية» (كابسارك) فى مجمع المؤتمرات الذى صممته المهندسة المعمارية العراقية زهاء حديد. واستقطب المؤتمر نحو 206 أبحاث، تم قبول 160 منها، ومناقشة 124 بحثًا خلال المؤتمر، الذى استضافته «كابسارك» بالتعاون مع الجمعية السعودية لاقتصادات الطاقة.
نظرًا للاهتمام الكبير فى المؤتمر وتخصصاته، تم تبنى قرار لعقد مؤتمر سنوى آخر بالتناوب لاقتصادات الطاقة فى الشرق الأوسط ووسط آسيا؛ نظرا لاشتراك المنطقتين فى أدوار طاقوية مهمة فى كل من الإنتاج والاستهلاك على الصعيد العالمى. كما تقرر عقد المؤتمر المقبل فى عام 2025 فى أنطاليا بتركيا.
وقد عقد مباشرة فى الرياض بعد انتهاء «المؤتمر الدولى» الاجتماع نصف السنوى لـ«ملتقى الطاقة العربى»، حيث استعرض نحو 50 متخصصًا ومتخصصة الأعضاء فى الملتقى نحو 10 دراسات حول التقاط وتخزين الكربون فى الدول العربية، وسوق الكربون الطوعية الإقليمية، بالإضافة إلى الآفاق الحالية لتقلبات الأسواق البترولية فى ظل الحروب الشرق أوسطية والأوروبية. وكذلك، مسار تحول الطاقة العالمى: ما الذى تحقق؟ وما التعقيدات التى تواجه تصفير الانبعاثات بحلول عام 2050؟
وشارك أعضاء الملتقى فى اليوم الثالث للقائهم فى زيارة محطة سدير للطاقة الشمسية، التى تقع فى مدينة سدير الصناعية. تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة نحو 1500 ميجاواط، وتُعد واحدة من أكبر المحطات الشمسية فى العالم. كما تُعد تكلفة إنتاج الكهرباء منها ثانى أقل تكلفة فى العالم.
وأثارت الدراسات حول التقاط وتخزين الكربون عربيًا وعالميًا الإنجازات التى تم تحقيقها فى هذا القطاع، والتحديات التى لا يزال العمل قائمًا بها لتطوير هذه الصناعة الحديثة العهد نسبيا، ناهينا عما تم إنجازه لتأسيس السوق لتبادل الكربون.
كما استعرضت دراسة ما تم إنجازه فعلًا فى مجال «تحوّل الطاقة»، من تأسيس صناعات الطاقات المستدامة، والتقدم العلمى فى هذا المجال. لكن أثيرت تساؤلات حول مدى تحقيق الهدف المنشود فى «اتفاقية باريس لعام 2015» لتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050، إذ تمت الإشارة إلى العقبات الجيواستراتيجية، ناهينا المالية، التى تواجه هذا التحول التاريخى الطاقوى.
فهناك عقبات جيواستراتيجية متعددة فى الأسواق العالمية الرئيسة. فانتخاب دونالد ترامب فى فترة انعقاد «كوب 29» أشاع جوًا من التشاؤم على المؤتمر، لما ستتبناه واشنطن من سياسات تهميشية للطاقات المستدامة خلال عهد ترامب فى الأعوام الأربعة المقبلة، بناء على تجربة حكمه الأولى بسحب الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس»، وتصريحاته خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، بفتح العنان للحفر فى المحميات الفيدرالية الأمريكية التى بقيت محظورة على الشركات النفطية حتى الآن.
وتواجه عملية «تحول الطاقة» صعوبات جمة فى أوروبا أيضًا، مع صعود نفوذ قوى اليمين المتشدد فى انتخابات عدة أقطار أوروبية مؤخرًا، بل حتى حيازتهم على أغلبية فى البرلمان الأوروبى. وقد حفز اليمين المتشدد النقابات الزراعية الأوروبية خلال الأشهر الأخيرة على الإضراب، ومعارضة القوانين والتشريعات المساندة لتحول الطاقة.
أخيرًا وليس آخرًا، هناك نواة للحرب التجارية الأمريكية - الصينية، وقد بدأت هذه الحرب فعلًا فى عهد الرئيس جو بايدن، ومن المتوقع أن يزيدها الرئيس ترامب حدة، حسب تصريحاته ووعوده بزيادة التعريفة الجمركية على البضائع الصينية. وكما هو معروف، فالصين هى أكبر دولة منتجة للأدوات والسلع للطاقات المستدامة. كما أن لدى الصين احتياطات ضخمة من المعادن النادرة الضرورية لصناعات الطاقات المستدامة. وقد بدأت تهدد بمنع تصدير مجموعات متعددة من هذه المعادن للدول التى تفرض تعريفات جمركية إضافية على الصادرات الصينية.
فى حال تشدد هذه التطورات، فمن المحتمل جدًا أن تشكل هذه التحديات الثلاثة عقبات للأسواق الرئيسة الثلاث فى العالم (الصين، وأوروبا، والولايات المتحدة)، ومن ثم صعوبات جمة فى تنفيذ جميع الخطوات اللازمة لتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050.