25 يناير
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 19 يناير 2016 - 10:50 م
بتوقيت القاهرة
قراءة المشهد عقب مرور خمس سنوات على ثورة 25 يناير يبعث على التأمل، ويسطر عددا من الدروس التى تحتاج إلى تأمل المتابع، وشغف الباحث.
• مقدمات الثورة كانت عديدة بعضها يتعلق بسوء أداء أجهزة الدولة، خاصة فيما عٌرف بقضية خالد سعيد، والحادث الإرهابى بكنيسة القديسين، وتزوير الانتخابات البرلمانية، واستمرار «سيناريو التوريث» على قدم وساق، وحدوث ثورة الياسمين فى تونس.
• عقب الهبة الشعبية، التى كان قوامها من الشباب، على نظام مبارك، بدا أن الحكم يريد أن يبقى فى موقعه بأى ثمن، عرفت الوجوه السلفية طريقها إلى التليفزيون الحكومى بغية تسكين نوازع الغضب والاحتجاج، ودعا نائب رئيس الجمهورية السيد عمر سليمان الذى عين وقتئذ لحوار مع القوى السياسة كان من بينهم «الإخوان المسلمين»، وكان ذلك اعترافا علنيا مبكرا بهم، بعد أن كانت العلاقات بينهم وبين النظام تدار عبر قنوات أمنية وسياسية غير معلنة، ولكن الخطوات التى اتخذها النظام جاءت متأخرة، وآلت الأمور إلى تنحى مبارك فى 11 فبراير.
• القوى الثورية، أو هكذا عرفت، دب بينها الخلاف والتنافس سريعا، بما يشبه التشظى الثورى، وتبخرت خبرة «ميدان التحرير» التى قامت على الانسجام، فكانت أول مواجهة فى غزوة الصناديق فى الاستفتاء على تعديل الدستور فى 19 مارس 2011م، تلاها معركة «الدستور أم الانتخابات أولا»، مرورا بتعرجات انتخابات البرلمان التى استبعدت شباب الثورة، وشهدت توظيفا مكثفا استقطابيا للدين، ثم انتخابات رئاسية استحوذ عليها الإخوان المسلمون، ووضع دستور لم يتمتع بتوافق عام، وآلت الأمور إلى 30 يونيو. الدرس المستفاد أن القوى السياسية باختلاف أطيافها فشلت فى بناء نظام سياسى يقوم على التوافق، والإدارة السلمية للتعددية، وتوسيع نظام المشاركة، وظلت خبرة تشرذمها، وعدم وجود أسس للتعاون بينها منذ عقود سائدة، وأثر ذلك على أداء الدولة، ووضعها فى مخاطر حقيقية.
• ثورة 30 يونيو هى تعبير عن رغبة فى «عودة الدولة» التى اهتزت أركانها فى خبرة السنوات الثلاث التى سبقتها، وبات واضحا أن أجهزة الدولة، التى تتغلغل فى ثنايا المجتمع المصرى، لا يمكن استبعادها من معادلة ترتيب السلطة، أو اقصائها أو اهانتها على النحو الذى حدث من جانب بعض القوى السياسية، وبالأخص الإسلاميين وشباب الثورة. بالطبع هناك طلب على عودة الدولة، وتقوية أركانها، لكن خبرة السنوات الماضية، وبالأخص شعارات ثورة يناير «عيش حرية عدالة اجتماعية» تشير إلى أن الدولة التى يتطلع إليها المصريون «دولة تنموية ديمقراطية»، تحمل على كاهلها أعباء التنمية، وفى الوقت ذاته تحقق المشاركة، وتصون حقوق الإنسان، وتعزز النزاهة والشفافية والمساءلة فى المجال العام.
• خبرة ثورة 25 يناير كانت رغبة من المجتمع فى إزاحة الدولة، وفشلت. وخبرة ثورة 30 يونيو هى سعى لاستعادة الدولة، ولكن يرافقها رغبة من جانب البعض فى إزاحة المجتمع، وهى مسألة معقدة، وقد تؤول إلى ما يمكن تسميته «الفقر السياسى»، أى غياب المشاركة، الرغبة فى التغيير، الشعور بالإحباط، انسحاب الجمهور من المجال العام. يستدعى ذلك انشاء علاقات متوازنة بين الدولة والمجتمع، والتخلص من مرارات الخبرات السابقة، ومشاعر الثأر، والرغبة فى بناء توافق حقيقى يحصن الدولة والمجتمع معا.
ســــامـــح فــــوزى