الصحة فى مصر إعلان حرب
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 19 يناير 2018 - 10:55 م
بتوقيت القاهرة
كثيرا ما استوقفتنى صورة بديعة من صور الفن الفرعونى القديم حتى أن ذاكرتى تستدعيها أحيانا ما دون مناسبة يطلق عليها «النائحات» نقش المصرى القديم صورة لشخصية سيدة لا تحظى ملامحها المصرية لليوم: سوداء واسعة العينين مجعدة الشعر وقد عقب رأسها بشريط لا يختلف عما تربطه بقوة الصعيدية إعلانا عن الحزن الجارف العميق الصورة بذات الملامح تتكرر ربما أراد أن يؤكد أن الحزن يطغى على الملامح فيصبح الجميع فى الهم سواء.
ذكرت النائحات اليوم فأحسست أننى واحدة منهن ضاعت ملامحى وبقى لى شعور مر بأننى بالفعل أحرث فى البحر لم أحجب يوما قولة حق ولم أسحب يدا يمكن أن تبنى وتساعد ولم أتراجع عن موقف مبدئى ولم أتكسب أبدا من مهنة سامية اخترتها عن قناعة فلماذا أنا عاجزة عن تصحيح واقع لا أرضاه.
على الذى يتصور أننى أكتب أوراقا شخصية أن يتمهل فتلك حال السواد الأعظم من أطباء مصر الآن على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم تحدثت وزملاء مهنة كثيرين فى الأسابيع الماضية فما وجدت منهم إلا تلك الحيرة الموجعة فى مواجهة أمور نجد أنفسنا مساقين إليها دون أن يكون لنا فيها أى دور، ما يحدث الآن فى مصر يعلى من شأن مزيد من الكراهية تجاه الأطباء دون أى وجه يمكنه أن يودى بالوئام الاجتماعى الذى يجب أن يسود أبناء الوطن الواحد.
< كيف يمكن أن تستقر الأحوال بينما هناك تباعد واضح بين وزارة الصحة وأطبائها الأمر الذى يبدو جليا فيما كان من أفعال ورد الأفعال التى عاصرناها جميعا فى الأسابيع الماضى.
< هناك دون أدنى شك أزمة فى المستهلكات الطبية يحاول الأطباء التحايل لحلها بطريقة أو بأخرى مشروعة بالطبع فهل يكون جزاؤهم الحبس والتقييد بالكلبشات؟
< ما موقف الحكومة من محافظ الغربية الذى ذهب للبحث وراء الأطباء ويسأل المرضى «كتبوا لك دواء من بره.. عملوا فيك إيه» ولم يكتفِ بالموكب الذى رافقه بل سجل فعله القبيح ليذاع فى وسائل الإعلام.
إذا بقى مكانه يا سادة بعد تحريضه العلنى على الأطباء كنا أن نوقف أن هذا موقف الحكومة التى وضعته عمدا فى مكانه ولنا أن نسألها.
<إغلاق مستشفى السلام: لم أسمع فى حياتى كلها عن مستشفى تم إغلاقه إلا إغلاق أقسام عند انتشار عدوى فغلق مستشفى خاص عالى المواصفات بزعم أن المستشفى ساوم أهل المريض على نفقات إنقاذ حياته وإجراء عملية تعتمد على تقنيات معقدة وتستلزم جراحا على درجة من الكفاءة النادرة؟ لا أملك تفاصيل لما حدث حتى لا أطلق اتهامات بلا أدلة لكن الذى أراه قابلا للتصديق هو ما كتبه أ.د هانى راجى رئيس أقسام القلب الباطنية بمعهد القلب القومى.
الأمر باختصار أن مصابا فى حادث جسيم تم نقله لمستشفى حلوان فتم إجراء الإسعافات الأولية مجانا فى الطوارئ كقرار وزارة الصحة ثم مر بالنيل بدراوى فلم يجد بها جراحا بحجم ذلك الذى تلقاه فى مستشفى السلام ليجرى له جراحة بالغة الدقة لإعادة زرع يده التى حملها مرافقوه فى الثلج والفورمالين.. وقع مرافقوه إيصالا إذ إن العملية تكفلتها تتخطى أربعمائة ألف من الجنيهات حينما انتهى الجراح من عمله الذى استمر لساعات واطمأن أهل المريض رفضوا تسديد النفقات وأجرى أحدهم مكالمة تليفونية صدر بعدها مباشرة أمر بإغلاق المستشفى هناك من يردد أن المريض قريبا لرئيس مجلس النواب فهل هذا صحيح؟
إذا امتلك وزير الصحة الشجاعة التى تجعله يتخذ قرارا بغلق مستشفى يعمل بكامل طاقته فأظنك يا سيدى من الشجاعة بأن تصدر بيانا يشرح لماذا اتخذت قرارا خطيرا بهذا وأى تبعات ستتحملها وزارة الصحة فالقرار لا يقل خطورة عن قرار إعلان حرب.
وعلى سيادة رئيس الوزراء أن يشرح لنا إذا ما كان قرار السيد وزير الصحة دستوريا وأنه بالفعل قرار صائب حكيم يتناسب وما تمر به منظومة الصحة من تراجعات.
ما أتمناه أن يتفضل دولة الرئيس ومعالى وزير الصحة بمخاطبتنا بلغة معروفة المفردات واقعية نفهمها نحن الأطباء من أبناء الشعب.