بيت توت الجديد
حسين عبدالبصير
آخر تحديث:
السبت 19 يناير 2019 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
أخيرًا آثار توت عنخ آمون سوف تزين باريس بعد غياب 52 عاما.
سوف ينتقل معرض آثار الفرعون الذهبى الملك الشاب توت عنخ آمون إلى العاصمة الفرنسية فى مارس المقبل بعد غياب نحو 52 عاما عن العاصمة الفرنسية. ومن خلال هذا المعرض، الذى ينتظره الجميع فى فرنسا والدول المجاورة بفارغ صبر، سوف يتم عرض نحو مائة وخمسين قطعة أثرية من كنوز مقبرة الفرعون الذهبى الملك الشاب توت عنخ آمون.
وسوف يقام المعرض تحت عنوان «كنز الفرعون» فى الفترة من 23 مارس إلى 15 سبتمبر 2019 فى قاعة «جراند هال دو لا فيليت»، فى العاصمة الفرنسية، والتى تم فيها عرض آثار الفرعون الذهبى تحت عنوان «توت عنخ آمون وزمنه» فى قصر «لوبوتى باليه»، والذى زاره أكثر من 1.2 مليون زائر فى عام 1967. وشكل المعرض حدثا مهما آنذاك، وفيه تم عرض نحو 45 قطعة من كنوز الفرعون الذهبى الثمينة. وتجمع الفرنسيون فى طوابير طويلة لزيارة المعرض الكبير لاكتشاف كنوز الفرعون الذهبى النادرة؛ وبناء عليه، تم تمديد المعرض لأشهر عديدة تالية.
وتمثل باريس المحطة الثانية لهذا المعرض (المقام حاليا فى مدينة لوس أنجلوس الأمريكية) من بين عشر مدن كبرى حول العالم. وتقيم هذا المعرض وزارة الآثار المصرية. ويضم المعرض عددا من القطع الجميلة من الحلى الذهبية والنقوش والتماثيل والأثاث الجنائزى من كنوز الملك توت عنخ آمون. وكان عالم الآثار البريطانى الشهير هاورد كارتر قد اكتشف مقبرة الفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون كاملة فى وادى الملوك فى البر الغربى لمدينة الأقصر فى صباح الرابع من نوفمبر عام 1922 ليكون بذلك وبحق أهم اكتشاف أثرى فى القرن العشرين فى العالم كله. ولعله من حسن الطالع أن يقام هذا المعرض فى إطار الاقتراب من الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لاكتشاف مقبرة الفرعون الذهبى، والتى سوف تكون فى 4 نوفمبر 2022؛ لذا ترعى مصر هذا المعرض الفريد فى إطار جولة عالمية بين بلدان العالم لآثار الفرعون الذهبى وتحفه الفنية التى لا مثيل لها. وسوف يحقق هذا المعرض زيادة فى عدد السائحين لمصر لاكتشاف آثارها الفرعونية واليونانية ــ الرومانية والقبطية والإسلامية الفريدة على أرض مصر نفسها.
***
ومن الجدير بالذكر أن متحف اللوفر يضم مجموعة كبيرة من الآثار المصرية القديمة، غير أنه لا توجد أية آثار فى العالم تتفوق على الآثار الساحرة للفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون. وفى 1976، تم تنظيم معرض آخر عن آثار نجم الأرض الفرعون الخالد الملك رمسيس الثانى فى قصر «جران باليه» فى باريس ما أتاح للفرنسيين وجيرانهم فرصة أخرى للتعرف على قطع جديدة وصفحات عظيمة من التاريخ الفرعونى العريق. وسوف تساهم العوائد المالية من هذا المعرض فى دعم واستكمال المشروعات الأثرية الكبرى فى مصر خصوصا مشروع المتحف الكبير الذى يجرى إنشاؤه حاليا على بُعد كيلومترين والنصف من أهرام الجيزة الخالدة.
وقد قام أخيرا الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة مشروع المتحف الكبير التى تعد زيارة تاريخية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وتدل على مدى الاهتمام الكبير الذى يوليه الرئيس عبدالفتاح السيسى لمصر وآثارها، وتؤكد على مدى عمق الوعى الحضارى والحس الثقافى والاهتمام بمستقبل مصر الأثرى والثقافى والسياحى لدى السيد الرئيس، وتؤكد أن سيادته يعمل دوما من أجل أن تحتل مصر المكانة التى تليق بها بين جميع دول العالم.
والمتحف المصرى الكبير هو هدية مصر للعالم فى القرن الواحد والعشرين، ويؤكد على أن مصر دولة عظمى ثقافيا وأثريا وحضاريا، وأنها لا تزال قادرة على أن تقدم للعالم العطاء والإبداع والإبهار من خلال مشروعات ثقافية عملاقة، وأن مصر هى جاذبة أنظار العالم لها دوما.
ومشروع المتحف المصرى الكبير هو مشروع مصر القومى مثل إقامة هرم خوفو فى مصر الفرعونية وقناة السويس فى عهد الخديو إسماعيل فى مصر الحديثة وبناء السد العالى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر فى تاريخ مصر المعاصر. وسوف يحتوى المتحف على كنوز فريدة ترجع لمختلف العصور من خلال عرض متحفى مبهر على أحدث التقنيات العالمية فى مجال إقامة المتاحف والعرض المتحفى على مستوى العالم ليكون متحفا بالمفهوم الحديث للمتاحف، وليس كما كان المتحف مخزنا للآثار فقط. إن المرحلة الأخيرة من المشروع، والتى تتضمن مبنى المتحف وملحقاته قد بدأت فى عام 2012، على وشك أن تنتهى فى عام 2020.
ومن الجدير بالذكر أن المتحف المصرى الكبير تم وضع حجر الأساس لإنشائه فى فبراير 2002 ليكون صرحا ثقافيا ومركزا عالميا لتواصل الحضارات والثقافات. وسوف يضم المتحف أهم وأندر آثار مصر المكتشفة عبر العصور مثل كنوز وآثار الفرعون الذهبى توت عنخ آمون، والتى تقدر بأكثر من خمسة آلاف قطعة، وتم نقل عدد كبير منها من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف الكبير لتعرض فى مساحة تمثل سبعة أضعاف مساحة عرضها فى المتحف المصرى بميدان التحرير. كما تم نقل عدد كبير من أخشاب مركب الشمس من جنوب هرم خوفو الأكبر بالجيزة إلى المتحف الجديد ليتم تجميعها وعرضها فى المتحف الكبير فى قاعة تخصها وحدها. وفى 25 يناير 2018 تم نقل تمثال الملك رمسيس الثانى، والذى يبلغ وزنه نحو 83 طنا، من أرض مشروع المتحف، التى كان فيها منذ نقله من ميدان رمسيس فى 2006، إلى مقدمة المتحف كى يكون فى استقبال الزائرين عند زيارة المتحف عند افتتاحه. وتم ربط معامل الترميم ومخازن الآثار بجسم مبنى المتحف بثلاثة أنفاق تحت الأرض. وسوف يضم المتحف مجمعا للمتاحف النوعية منها متحف للأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة لتربية النشء على حب الآثار والحفاظ على كنوز مصر العظيمة. وكذلك سوف يضم المتحف منطقة ترفيهية على مساحة كبيرة تشمل عددا من الحدائق والمطاعم والخدمات والأماكن الترفيهية والمرافق العامة.
وفى النهاية، أتوجه بعميق الشكر والتقدير لكل الجهود العظيمة والمخلصة التى تقوم بها وزارة الآثار والهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة وكل العاملين بمشروع المتحف المصرى الكبير لإنهاء المشروع وخروجه للنور على أكمل وجه كى يعبر عن مصر صاحبة العطاء الحضارى الفريد عبر العصور والأزمان، وكى يكون المتحف المصرى الكبير بحق البيت الجديد للفرعون الذهبى الملك الأسطورة الفرعون توت عنخ آمون.
مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية