7 أسئلة تحدد الفائز والمهزوم في غزة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 19 يناير 2025 - 6:40 م بتوقيت القاهرة

بالأمس كتبت فى هذا المكان تحت عنوان: «إسرائيل وحماس.. من انتصر ومن انهزم؟»، وعرضت فيه للآراء المتطرفة فى كل جانب سواء الذين يرون هذا الطرف انتصر أو انهزم بصورة كاسحة.

واليوم سأحاول أن أفصل وأشرح الفكرة بصورة عملية وأغلب الظن أن هذا الكلام لن يعجب أى طرف يرى أنه انتصر انتصارا كاسحا، ولن يعجب أصحاب الآراء المتطرفة فى كل مكان، ولن يعجب أى شخص قرر أن يعطى عقله إجازة.

بطبيعة الحال فإن قادة أى طرف سواء كانوا فى إسرائيل أو المقاومة الفلسطينية سيقول لأنصاره: «لقد انتصرنا انتصارا كاسحا وإن الطرف الثانى انهزم هزيمة نكراء». 

لن يخرج أى قائد ليقول لأنصاره: «لقد انهزمنا، ولقد أخطأنا، ولقد فشلنا، والحل أن نترك المجال ونتنحى جانبا لنعطى الفرصة لأجيال وأفكار أخرى لعلها تحقق ما فشلنا فيه».

 وللموضوعية فهذا التفكير ليس اختراعا جديدا يخص حماس وحكومة الليكود المتطرفة، بل هو نمط قديم من التفكير منذ خلق الله الأرض، وحتى تقوم الساعة، باستثناءات قليلة يخرج فيها نبلاء وشجعان يعترفون بأخطائهم ويقبلون المحاسبة، ويتقبلون العقاب.

ما لا يختلف عليه اثنان هو أن التقييم الفعلى يكون على أساس النتائج السياسية المتحققة على الأرض، وهذا الأمر لن يتحقق بين يوم وليلة.

نعلم جميعا أن مصر وسوريا وفلسطين تلقت هزيمة صعبة جدا فى 5 يونيو 1967، واحتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان وأراضى أردنية وكل الضفة الغربية وقطاع غزة.

ووقتها سمعنا وقرأنا من يزعم أننا لم ننهزم مادام الرئيس جمال عبدالناصر لا يزال فى الحكم، وأن الهدف الجوهرى لإسرائيل وقتها هو القضاء عليه. فى حين أننا لا نزال نعانى من آثار هذه الهزيمة المريرة حتى بعد 58 عاما من وقوعها.

فى عام 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان واحتلت بيروت وأجبرت منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج إلى تونس، هذه نتيجة سياسية مهمة لأنها أفقدت المنظمة الساحة الأهم التى كانت تواجه فيها إسرائيل.

الآن دكت إسرائيل قطاع غزة وجنوب لبنان وقتلت وأصابت مئات الآلاف واغتالت كبار قادة حماس وحزب الله، وأسهمت فى إسقاط نظام بشار الأسد فى سوريا، ودمرت جانبا كبيرا من منظومة الدفاع الجوى الإيرانى.

عدد كبير من أنصار المقاومة الفلسطينية لا يعترف بكل ذلك ويقول إن التقييم الموضوعى لا ينبغى أن يقاس بعدد القتلى من العدو المتجبر، لأن معارك التحرر تحتاج إلى تضحيات كبيرة، وهذا من حقه.

وبالتالى فإن المعيار الرئيسى للحكم الحقيقى على نتائج هذه المعركة هو الإجابة العلمية عن هذه الأسئلة الجوهرية فى الأيام والأسابيع المقبلة.

السؤال الأول: هل نتائج عملية طوفان الأقصى سوف تساعد على التسريع بإقامة الدولة الفلسطينية، أم العكس؟

لا يهمنا هنا  بقاء نتنياهو وحكومته أم لا، وهل سيتم سجنه أو حتى اعتقاله ومحاكمته، وما يهمنا: هل ستقبل إسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية أم تستمر فى تهويد الأرض؟

السؤال الثانى: هل ستظل حركة حماس قوية فى قطاع غزة وتستمر فى إدارته كما كان الأمر حتى صبيحة 7 أكتوبر 2023 أم لا؟

السؤال الثالث: هل ستقبل حركة حماس رقابة دولية على وجودها فى غزة وإدارة شئون القطاع أم لا؟

السؤال الرابع: هل سيتمكن الفلسطينيون سواء كانوا من حماس أو السلطة الفلسطينية من تدبير التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع شبه المدمر أم لا، وما هى الأطراف التى ستقبل ضخ حوالى مائة مليار دولار فى هذه العملية، وهل سيقبلون ذلك فى ظل رفض إسرائيل التوصل لسلام عادل ودائم؟

السؤال الخامس: ما هو مستوى رضاء غالبية سكان قطاع غزة عن نتائج عملية طوفان الأقصى، هل هم سعداء وراضون أم ساخطون، وهل يمكن إجراء قياس استطلاع رأى حقيقى فى قطاع غزة على غرار ما هو موجود فى إسرائيل؟ حيث عرفنا مثلا أن 52‎%‎ من مؤيدى الحكومة يؤيدون اتفاق وقف إطلاق النار، وأن 90‎%‎ من مؤيدى المعارضة الإسرائيلية يؤيدون الاتفاق، وهناك استطلاعات رأى دائمة شبه أسبوعية فى إسرائيل توضح لنا اتجاهات الجمهور الإسرائيلى فيما يتعلق بالحكومة والعديد من القضايا.

السؤال السادس: هل حجم التضحيات التى قدمها الشعب الفلسطينى يتناسب مع ما تم تحقيقه سياسيا.

والسؤال الأهم هنا: ما الذى حققته عملية طوفان الأقصى سياسيا؟

السؤال السابع: هل يمكن الرهان على أى دعم عربى أو دولى لمساعدة الفلسطينيين فى صراعهم المستمر بعيدا عن لغة الشجب والإدانة؟

الأسئلة السابقة معظمها يخص المقاومة الفلسطينية وهناك بالطبع أسئلة أخرى مهمة تخص الجانب الإسرائيلى أهمها أنه صحيح دمر معظم القدرات لكن هل يمكنه أن يستمر فى الوجود بالقتل والتدمير والعنصرية، وهل سيضمن الدعم الأمريكى والغربى اللامحدود طوال الوقت، بل هل يضمن استمرار تماسك الجبهة الداخلية والرهان على الانقسام العربى والعجز والتواطؤ الدولى؟

إذا أجاب كل طرف عن الأسئلة بموضوعية فربما سوف ندرك وقتها من الذى فاز ومن الذى انهزم، والعبرة فى النهاية بالنتائج على الأرض وليست العبارات الإنشائية غير القابلة للقياس.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved