الأسد على خطى العسكرى

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الثلاثاء 20 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

يطبق بشار الأسد فى قمع الثورة السورية الوصفة ذاتها التى طبقها «العسكر» لإجهاض الثورة المصرية، والتى تقوم على فض الارتباط بين الثوار والمجتمع.


معلوم أن الثورة كانت نتاج إقدام وإبداع طليعة ثورية، يتصدرها شباب امتلك وعيا جسورا واستعدادا للتضحية، وأطلق الصيحة الأولى ضد نظام فاسد، فكانت الاستجابة الشعبية العارمة، والخروج الكبير لقطاعات هائلة من الشعب المصرى، كان الممسكون بالسلطة يظنون أنهم لن يتحركوا أبدا.


وإجمالا يمكن القول إن مجتمعا مدنيا تشكل وصمد تحت وابل من القصف العنيف، حتى استطاع أن يفجر ثورة، ثم كان التحول الأهم بانفتاح المجتمع «الأهلى» على «المدنى» فتشكل تيار شعبى عام نجح فى إسقاط رؤوس النظام خلال 18 يوما فقط.


وعلى الفور قام ما تبقى من جسد النظام بعملية التفاف سريعة على الثورة، طارحا نفسه فى صورة المؤيد والشريك، حتى استقر داخل جدران الثورة الأربع، وبعدها بدأ فى عملية طرد وإجلاء لسكانها الأصليين.


وقد اعتمدت عملية الطرد هذه على ضرب العلاقة بين «الثوار» و«المجتمع» باستخدام كل وسائل التشويش والتشويه، والدس، عن طريق توظيف الدين والتقاليد المجتمعية من جانب، وتوزيع الاتهامات بالعمالة وتهديد الاستقلال الوطنى وهدم الدولة من جانب آخر.


وفى ذلك تطايرت اتهامات بالكفر والمجون والتخريب على رؤوس الثوار، بهدف نسف الجسر الرابط بينهم وبين المجتمع، وصولا إلى تأليب ملايين المصريين الذى خرجوا فى الثورة، ضد الثوار، وفرض تعريف خاص للثورة من وجهة نظر خصومها، بحيث يبدو هؤلاء فى نهاية المطاف هم «الثورة» بينما الثوار الحقيقيون أعداء الوطن وأعداء الاستقرار، والمتورطون فى مخططات أجنبية للقضاء على السيادة والكرامة الوطنية.

 


وهذا بالضبط ما يجرى فى سوريا الآن، بعد سقوط نحو 8 آلاف شهيد بفعل آلة القتل التى يديرها النظام ضد شعبه، مغطيا على جرائمه بقائمة من الحجج الوهمية عن الممانعة والمقاومة واستهداف بشار الأسد لأنه شوكة فى حلق إسرائيل.


وبالطريقة نفسها تنشط عصابات النظام السورى فى قطع خطوط الاتصال بين الثوار وبين الشعب، انطلاقا من إثارة كل النعرات القبلية والطائفية، واضعة فى حسبانها التجربة المصرية.


والذى حدث فى الثورة السورية وأكسبها زخما هائلا أن اندماجا وقع بين الطليعة الثورية المثقفة، وبين المجتمع الأهلى ممثلا فى القبائل والعشائر التى طالتها آلة البطش، فتدفق تيار ثورى هادر فى كل المدن السورية.


وأمام هذا المد عمل نظام الأسد بكل دهاء على إجبار الثوار على استخدام السلاح، بحيث يبدون وكأنهم يحاربون «الجيش الوطنى» المواجه للعدو الصهيونى، من ناحية.. واستخدام الفزاعات الدينية بالحديث الأجوف عن «القاعدة» والدولة الإسلامية من ناحية أخرى، بحيث يتم اقتياد باقى الطوائف الدينية والعرقية إلى أتون جحيم الخوف من المحو والتهجير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved