آراء الأمريكيين فى حكم مرسى والإخوان
محمد المنشاوي
آخر تحديث:
الجمعة 19 أبريل 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كان لغياب الشعارات المعادية لأمريكا عن ميدان التحرير، وبقية ميادين مصر خلال أحداث ثورة مصر، تأثير كبير على توقعات النخبة الحاكمة الأمريكية بخصوص مستقبل ثورة مصر. وكذلك ما ذكره الرئيس الأمريكى باراك أوباما بعد أربعة أشهر من سقوط نظام الرئيس حسنى مبارك من أن الثورات العربية ستخدم مصالح واشنطن وستمنحها فرصة كبيرة بفتحها آفاقا واسعة جديدة. وصف أوباما هذه الثورات بأنها «رياح حرية» هبت على المنطقة، وقال إن القوى التى أطاحت بالرئيس المصرى السابق حسنى مبارك يجب أن تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد عكست هذه الكلمات آمالا متزايدة فى واشنطن من أن المصريين بعد الثورة سيصبحون أكثر تأييدا لسياساتهم فى المنطقة، وأن شعبية الولايات المتحدة سترتفع نتيجة لنجاح الثورة المصرية.
إلا أن السياسات الأمريكية التقليدية فى منطقتنا لم تساعد على ارتفاع نسبة شعبية أمريكا على 6% بين المصريين فى أثناء حكم الرئيس الأسبق جورج بوش، ورغم ارتفاع هذه النسبة مع بدء حكم أوباما إلى 27% عام 2009، فإنها عاودت الانخفاض لتصل إلى 17% عام 2011. ورغم تدنى شعبية واشنطن لدى غالبية المصريين، لم تبذل واشنطن أى جهد لإحداث أى تغيير حقيقى فى علاقاتها مع الشعب المصرى بعد نجاح المرحلة الأولى من ثورة 25 يناير.
تدّعى واشنطن دعم بناء الديمقراطية الناشئة فى مصر من جهة، ومن جهة أخرى تحاول المحافظة على نفوذها التقليدى داخلها، عن طريق احتواء هذه الديمقراطية الوليدة، وعدم السماح بتغيير كبير فى السياسات، والاكتفاء بتغيير هوية من يحكم مصر. ورغم ما أتاحته الثورة من فرصة نادرة لواشنطن للتصالح مع الشعب المصرى، مازالت دوائر الحكم فى واشنطن ترى أن ثورة شعب مصر قد تعرض المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط للخطر.
•••
ويبدو أن الشكوك الرسمية فى الثورة ومسارها امتدت ووصلت لقطاعات كبيرة من الشعب الأمريكى، فقد أظهر استطلاع للرأى نشرته أخيرا مؤسسة زغبى، أن صورة مصر العامة لدى غالبية الشعب الأمريكى اليوم هى صورة سلبية، وذلك على العكس من صورتها الإيجابية لدى غالبية الأمريكيين عقب تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك التى وصلت إلى 60% فى هذا الوقت.
وعبر 36% عن رؤية إيجابية لمصر مقابل 48% ينظرون بصورة سلبية. وذكر غالبية من الأمريكيين أنه بمجرد ذكر اسم مصر يرد إلى عقولهم مفاهيم مثل الإرهاب والفوضى، والاضطرابات وعدم الاستقرار والعنف. فى حين أن الصورة الذهنية ارتبطت فى عقول غالبية الشعب الأمريكى قبل الثورة بالأهرامات، والملك توت عنخ أمون، وأبوالهول! وعبر 14% من الأمريكيين أنهم مازالوا متفائلين بصفة عامة بخصوص ربيع العرب عندما ينظرون للحالة المصرية، فى حين عبر 42% عن صدمتهم مما آلت إليه الأوضاع فى مصر. وعبر 16% عن عدم حيادهم، وعبر 28% عن عدم اطلاعهم على ما يجرى فى مصر.
وعبر 4% فقط من الأمريكيين أن فوز الإخوان المسلمين بالانتخابات التى شهدتها مصر منذ تنحى الرئيس مبارك تعد تطورا إيجابيا، فى حين رأى 19% من أنه نتيجة الانتخابات التى جرت بحرية ويجب أن تحترم من الجميع. وعبر 26% عن قلقا كبيرا من نجاح الاخوان فى الانتخابات، فى حين لم يحدد 39% منهم رأيا فى هذا الموضوع.
وقد عبر 14% من الأمريكيين عن تفضيلهم للرئيس محمد مرسى، فى حين عبر 51% عن رؤية سلبية تجاهه، وعبر 35% عن عدم معرفتهم به وبسياساته. ورأى 33% من الأمريكيين أن جماعة الإخوان المسلمين هى جماعة معادية لبلادهم ورأى 36% انه يمكن التعامل مع الإخوان، ولم يعبر 31% عن رأيهم فى هذه القضية. كذلك عبر 22% عن عدم ممانعتهم فى تلقى مصر مساعدات اقتصادية وعسكرية أمريكية رغم حكم الإخوان المسلمين، فى حين عبر 47% منهم عن رفضهم منح أى مساعدات لحكومة يسيطر عليها الإخوان المسلمين.
كذلك عبر 5% منهم أنهم فى الغالب لا يمانعون فى زيارة مصر تحت حكم الإخوان، فى حين عبر 32% انهم قد لا يزورون مصر تحت حكم الإخوان، وعبر 11% انهم لا يفرق معهم من يحكم مصر فى قرار زيارتهم لمصر. كما عبر 72% من الأمريكيين أن بلادهم يجب أن تدعم أى حكومة (منتخبة أو غير منتخبة) أذا ما تعاملت ونسقت مع واشنطن بخصوص قضايا الأمن القومى المتعلقة بالمصالح الأمريكية. فى حين عبر 17% فقط عن وجوب التعامل فقط مع الحكومات المنتخبة وحتى إن لم تخدم المصالح الأمريكية.
وكانت صورة مصر فى الولايات المتحدة قد تحسنت بصورة لم يكن يتخيلها أحد على الإطلاق بسبب الثورة المصرية، وبصورة لم تتكرر منذ توقيع الرئيس السادات على معاهدة السلام مع إسرائيل. ورصد استطلاع جرى عقب تنحى الرئيس مبارك تعبير أغلبية المستطلعين من الأمريكيين بصفة عامة عن رضائهم على أداء الإدارة الأمريكية وتحديدا طريقة تعقيب الرئيس باراك أوباما على تطورات الأحداث فى مصر.
•••
أثبتت مصر خلال سنوات حكم الرئيس السابق أنها دولة حليفة يمكن لواشنطن أن تطمئن لها وعليها. وأصبحت مصر عنصر استقرار إقليمى يخدم بصورة مباشرة وغير مباشرة المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط. ضمن ذلك لواشنطن قيام واستمرار تعاون أمنى وعسكرى واستخباراتى على أعلى المستويات. وكانت حرب الخليج الثانية إبان غزو العراق للكويت عام 1990 تجسيدا حيا لما يمكن لمصر وجيشها القيام به لخدمة مصالح واشنطن. ثم كانت الحرب الأمريكية على الإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر شاهدا على الوزن الكبير للتعاون الاستخباراتى والأمنى بين الدولتين.
هل تريد واشنطن أن تلقى نفس التعاون من نظام منتخب؟ هل سيمنح الرئيس مرسى واشنطن ما منحها الرئيس السابق حسنى مبارك فى الماضى؟