مساعٍ لإخراج اليمن من نفق الحرب

رخا أحمد حسن
رخا أحمد حسن

آخر تحديث: الثلاثاء 19 أبريل 2022 - 7:15 م بتوقيت القاهرة

توصل مجلس التعاون الخليجى بالتنسيق مع المبعوث الأممى الخاص إلى اليمن وعدة أطراف أخرى إلى عقد مؤتمر مشاورات يمنية ــ يمنية فى الفترة من 29 مارس إلى 7 أبريل 2022 فى الرياض فى مقر مجلس التعاون الخليجى وبرعايته. وشارك فى هذه المشاورات عدة أطياف سياسية وقبلية يمنية بلغ عددهم نحو 800 شخص، وكما وصفوا بأنهم يمثلون القوى الفاعلة فى المناطق المختلفة فى اليمن. وقد وجهت الدعوة إلى جماعة الحوثيين للمشاركة فى هذا المؤتمر إلا أنهم لم يقبلوا الدعوة ولم يشاركوا وأعربوا عن اعتراضهم على المؤتمر وأسلوب الإعداد له.
ويلاحظ أنه بالتوازى مع الإعداد للمؤتمر وفترة انعقاده، كان العمل مستمرا مع الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى من أجل اتخاذ عدة قرارات استجابة لمطالب من المؤتمرين وأطراف أخرى. وقد صدرت هذه القرارات مع نهاية أعمال المؤتمر فى 7 أبريل 2022 وتضمنت ما يلى:
• تشكيل مجلس القيادة الرئاسى، برئاسة د/ رشاد العليمى، وهو أكاديمى وتولى عدة مناصب وزارية فى فترات مختلفة وكان قريبا من الرئيس السابق على عبدالله صالح. واشتهر د/ العليمى بالقدرة على الحلول التوافقية بحكم دراساته عن القبائل والشعب اليمنى. وعين معه سبعة نواب يمثلون أقاليم اليمن المختلفة، على أساس من مبدأ المسئولية الجماعية لجميع أعضاء المجلس وسعيهم لتحقيق التوافق فيما بينهم.
ويتولى المجلس جميع اختصاصات وصلاحيات رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادى طوال الفترة الانتقالية وإلى أن تجرى الانتخابات. وإدارة الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد سياسة خارجية متوازنة، وتيسير ممارسة الحكومة اختصاصاتها بكامل صلاحياتها طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار واعتماد السياسات التى من شأنها أن تمنع حدوث أى مواجهات مسلحة فى جميع أنحاء اليمن. واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت قيادة وطنية فى إطار سيادة القانون. وإنهاء جميع النزاعات المسلحة ووضع عقيدة وطنية لمنتسبى الجيش والأجهزة الأمنية.
• من أهم صلاحيات رئيس مجلس القيادة الرئاسى: القيادة العليا للقوات المسلحة، وتمثيل اليمن فى الداخل والخارج، وتعيين المحافظين ومديرى الأمن وقضاة المحكمة العليا، ومحافظ البنك المركزى اليمنى بعد التشاور مع رئيس الوزراء، وإنشاء البعثات الدبلوماسية وتعيين واستدعاء السفراء طبقا للقانون، وإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقا للدستور والقانون ما لم ير مجلس القيادة الرئاسى غير ذلك.
• تكوين هيئة للتشاور والمصالحة من 50 عضوا يمنيا تجمع مختلف المكونات اليمنية لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسى، ولها رئيس وأربعة نواب. ومن حق رئيس مجلس القيادة الرئاسى تعيين من يراه من الكفاءات الوطنية لعضوية الهيئة عند الحاجة على ألا يزيد عدد الأعضاء عن مائة عضو.
• • •
كما أسفرت المشاورات عن الاتفاق على عدة بنود منها:
ــ أولوية الحل السياسى للأزمة اليمنية بعد ثبوت فشل الحلول العسكرية التى أدت إلى القتل والتدمير والتشريد للملايين من اليمنيين، وبثت الفرقة والتناحر بين الأشقاء.
ــ استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل فريق للمتابعة لتحقيق ذلك. وإدراج قضية شعب الجنوب فى أجندة مفاوضات وقف الحرب توضع إطار تفاوضى خاص لها فى عملية السلام الشاملة.
ــ الحفاظ على الأمن الداخلى ومكافحة الإرهاب والتنسيق بين الجهات الأمنية فى جميع المحافظات.
ــ التعافى والاستقرار الاقتصادى وحوكمة الموارد المالية، وإدارة الموارد الطبيعية لليمن، وتعزيز دور واستقلال البنك المركزى اليمنى المنقسم حاليا بين عدن وصنعاء. والإشادة بتقديم السعودية والإمارات العربية مليارى دولار أمريكى مناصفة بينهما دعما للبنك المركزى اليمنى. وتقديم السعودية مليار دولار، 600 مليون دولار منها للصندوق اليمنى لدعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشروعات ومبادرات تنموية، وتقديم 300 دولار أخرى لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التى أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022 لتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين. وأهمية عقد مؤتمر دولى ترعاه دول مجلس التعاون الخليجى لدعم الاقتصاد اليمنى والبنك المركزى وتوفير المشتقات النفطية.
ــ معالجة الآثار الاجتماعية للحرب، والإسراع بفتح المعابر، ومعالجة آثار الحرب فى مجال التعليم والصحة وإعادة تأهيل البنية التحتية وشبكات الحماية والأمان الاجتماعية، والمصالحة الوطنية وجبر الضرر لوحدة الصف الوطنى.
ــ تطوير آليات الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية.
ــ المشاركة الاستراتيجية بين اليمن ومجلس التعاون الخليجى، وكان اليمن قبل الأزمة شريك تجارى واستثمارى، وسياسى وأمنى، وتفعيل قرارات المجلس السابقة فى أعوام 2002 و2006 بشأن التعاون مع اليمن فى العديد من المجالات.
ــ المشاركة اليمنية مع المجتمع الدولى والدول الصديقة بموقف متصالح وينفذ التزاماته الدولية فى جميع المجالات، والاستفادة من المساعدات للتعافى والنمو الاقتصادى.
ــ تفاوض مجلس القيادة الرئاسى مع جماعة الحوثيين لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار فى كل أنحاء اليمن. وكان قد أعلن وقف لإطلاق النار من جانب الحكومة اليمنية بدأ اعتبارا من 2 أبريل 2022 قابلا للتجديد. وتوجه باتهامات للحوثيين بارتكاب خروقات لوقف إطلاق النار وإن كانت قد نفذته دون إعلان بصفة عامة.
• • •
قد لقيت كل هذه المخرجات عن المشاورات اليمنية ترحيبا كبيرا من معظم الدول العربية ــ وروسيا ـ وعدة دول أخرى، وأمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الذى عقد جلسة خاصة يوم 14 أبريل 2022 لتلقى تقرير المبعوث الأممى الخاص إلى اليمن الذى استطاع لأول مرة منذ تعيينه من نحو خمسة أشهر الذهاب إلى صنعاء لمدة ثلاثة أيام من 11ــ13 أبريل 2022؛ حيث التقى مع قادة الميليشيات الحوثية (رئيس مجلس الحكم ــ ورئيس الحكومة الحوثية ــ ووزير الخارجية ــ ورئيس البرلمان فى صنعاء، وغيرهم من كبار المسئولين ومحافظ البنك المركزى اليمنى فى صنعاء)، واستمع إلى مطالب الحوثيين التى تتلخص فى (1) فتح مطار صنعاء الدولى، وموانئ الحديدة للطيران لدول معينة. (2) عدم اعترافهم بإجراءات نقل السلطة التى تمت فى مؤتمر المشاورات اليمنية فى الرياض وتشكيل مجلس قيادة رئاسى خلفا للرئيس عبدربه منصور هادى (3) أهمية وأولوية صرف مرتبات موظفى الدولة، ومعاشات المتقاعدين، ومخصصات الضمان الاجتماعى، واعتبار أن ذلك سيمثل مدخلا رئيسيا لأى حلول سياسية قادمة (4) معالجة الانقسام المالى فى السياسة النقدية بعد نقل وظائف البنك المركزى اليمنى إلى عدن فى سبتمبر 2016 وأهمية إعادة توحيد السياسة النقدية ووحدة البنك المركزى.
وقد أكد المبعوث الأممى للحوثيين أهمية المحافظة على وقف إطلاق النار والعمل على تحويله إلى وقف دائم لإطلاق النار فى جميع أنحاء اليمن. كما طالب مجلس الأمن الحوثيين بالعمل مع المبعوث الأممى لتحقيق ذلك، وأهمية مشاركة المرأة، والقلق من الأوضاع الإنسانية وعدم الاستقرار الاقتصادى فى اليمن.
• • •
إن ما تمخضت عنه المشاورات اليمنية فى الرياض والاتفاق على نقل سلمى هادئ لسلطات رئيس الجمهورية إلى مجلس قيادة رئاسى جديد، وكذلك وضع خطوط عريضة لإعادة تنظيم أجهزة الدولة اليمنية، والاتفاق على إنشاء عدة فرق متخصصة فى المجالات القانونية، والاقتصادية وغيرها، يعد بمثابة خطوة مهمة ولكنها مازالت رهنًا بمدى تجاوب الحوثيين مع مجلس القيادة الرئاسى الجديد، ومدى قدرة المبعوث الأممى، وعمان، إقناع الحوثيين بالدخول فى حوار يمنى ــ يمنى حتى لو عن طريق وسطاء فى البداية لإرساء حد أدنى من الثقة المفقودة بين الطرفين تمهيدا للدخول فى حوار مباشر. كما يتوقف على توجهات الأطراف الإقليمية الداعمة لكل واحد من الطرفين المتصارعين، ومدى جدية التوجه الحقيقى إلى إنهاء الصراع فى اليمن والخروج من دائرته الجهنمية، وعدم الاتجاه إلى استقطاب جديد بتجميع أغلبية القوى اليمنية فى مواجهة الحوثيين وفرض حلول سياسية أو عسكرية معينة. وأيضا مدى استعداد مجلس القيادة الرئاسى الجديد، فى مرحلة لاحقة، من قبول إدخال عناصر حوثية فى المجلس وفى اللجان والهيئات الأخرى المقترح تشكيلها.
وقد تعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسى د/ رشاد العليمى بالعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام فى اليمن، مبينا أنه مجلس سلام لا حرب، وفى الوقت نفسه مجلس دفاع وقوة ووحدة صف يذود عن سيادة الوطن وحياة المواطنين. وضرورة مغادرة مربع الاستقطابات السياسية الجانبية والمناكفات، ومواجهة استحقاقات المرحلة الجديدة، وتوحيد الهدف نحو معركة واحدة ضد العدو الحوثى، وأن المجلس معنى بإنهاء معاناة اليمنيين سلما أو حربا، وأن المرحلة القادمة ستشهد توحيد جميع الجهود والأهداف المشتركة، فإما أن يجنح الحوثى للسلام، وإما يتحمل النتائج ومسئولية الحرب.
إن أولى الخطوات العاجلة بين مجلس القيادة الرئاسى الجديد والحوثيين، هى استكمال وقف إطلاق النار المؤقت، بوقف الحملات الإعلامية العدائية المستمرة بينهما ووقف الاتهامات المتبادلة، والابتعاد عن تصفية الحسابات وتجاوز صراعات الأعوام الماضية. كما يتطلب الأمر أن تدفع القوى الإقليمية بصورة جدية نحو تسوية سياسية يمنية ــ يمنية دون تركيز على من الفائز ومن الخاسر فيها، سواء داخليا أو خارجيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved