هل تتنبأ جيناتك بمستقبل قلبك؟
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 19 مايو 2023 - 8:40 م
بتوقيت القاهرة
مع تقدم العلم المذهل فى عصرنا الحديث وازدياد الوعى الثقافى الصحى اعتاد الإنسان الاهتمام بموضوعات الصحة وطرق الوقاية من الأمراض حتى أصبحت على قائمة اهتماماته الحياتية. يسعى الجميع الآن إلى معرفة مستقبل صحته فى ضوء تاريخه المرضى والعائلى وربما الوراثى الذى تحمله جيناته. بينما يسود الاعتقاد القائل بأن الوقاية خير من العلاج يحاول العلم الآن جاهدا أن يتيح للإنسان وسائل متعددة سهلة التداول بسيطة التناول تمكنه من استطلاع مستقبله الصحى ربما قبل ظهور أى أعراض تلجئه إلى المراكز الطبية والمستشفيات.
فى زيارتى لمدينة مونتريال ــ كندا هذا الشهر كان الحديث عن تلك الاختبارات الجينية المنزلية التى يمكن بها التنبؤ بأمراض القلب والشرايين وهل الإنسان يحمل أسبابا وراثية تفصح عنها جيناته وتحملها الكروموسومات تشير إلى احتمالات إصابته بأمراض القلب والشرايين التاجية فى مستقبل أيامه الآتية؟
تباع الآن فى الصيدليات فى كندا وأمريكا اختبارات جينية يمكن للأفراد شراؤها حتى دون تذكرة طبية تحت مسميات متعددة مثل أجهزة (23and Me) و (Ancestry).
رغم أن الأمر يعد فى بداياته إلا أن الإقبال على شرائها وتجربتها بالفعل عظيم إذ إنه حتى الآن سجلت مبيعات تلك الأجهزة ما يربو على الأربعين مليونا فى الولايات المتحدة وحدها خلال العام الماضى. فهل بالفعل يمكننا اعتبار تلك الأجهزة مؤشرات حقيقية يمكن الاعتماد عليها فى التنبؤ بالأمراض وبالتالى اتخاذ خطوات تنفيذية للوقاية منها؟
مازالت فى الواقع الأمثلة قليلة نسبيا لكن أهمها وأكثرها شيوعا تلك التى تتنبأ بحدوث أمراض القلب والشرايين.
لا تتفحص غالبية الاختبارات الجينية التى يمكن شراؤها من على «الرف» طبقا للتعبير الدارج عن الأدوية والأجهزة التى يمكن الحصول عليها بلا تذكرة طبية كامل الجينوم البشرى إنما تصب اهتمامها على متغيرات جينية معنية ترتبط بأمراض أو حالات صحية محددة وتتضمن النتائج معلومات حول العديد من الحالات المرتبطة بمشكلات ترتبط بأوعية القلب وشرايينه.
على سبيل المثال يوفر كل من «٢٣ آندمى» و«انستسترى» معلومات حول «فرط كولستيرول الدم العائلى» وكذلك حالة ازدياد «التخثرات الدموية الوراثية» لكنها فى الواقع ليست معلومات كاملة أو كافية. قد يشير تقرير الاختبارات الجينية إلى أنك لا تحمل أيا من الأربعة والعشرين متغيرا جينيا المرتبطة بحالة فرط الكولستيرول العائلى ومع ذلك فإنه يوجد الآن أكثر من ألفى متغير جينى يعد سببا فى تلك الحالة الوراثية المرضية.
راقنى كثيرا تعليق من «رينيه بليتيه» استشارية أمراض الوراثة بعيادة الجينوم الوقائية بمستشفى ماساتشوستس فى محطة CNN الإخبارية حين عقبت على تلك الاختبارات بقولها: «المعلومات التى تحصل عليها من تلك الأجهزة تشبه ما تتعلمه مع القراءة السريعة بحثا عن أخطاء هجائية» ربما ترصد بعض الأخطاء لكن من المحتمل أن يفوتك الكثير منها وعلى النقيض فإن الاختبارات العلمية الوراثية فى المعامل المتخصصة بالطرق العلمية تمكنك من القراءة السليمة لكل حرف من كل كلمة ورصد جميع الأخطاء الهجائية.
تعليقى اليوم على تلك الاختبارات المنزلية التى يمكن الحصول عليها دون تذكرة طبية يجىء لعلمى أنها تتوافر الآن فى مصر فى بعض المراكز الطبية لكنها لا تباع فى الصيدليات. بدأ بالفعل استخدامها تحت مسميات مختلفة تحت إشراف الأطباء فأردت أن أنوه بأنها اختبارات لم يؤكد العلم بالفعل جدواها العلمية.
فى الوقت الراهن لا تزال عوامل الخطر التقليدية مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والتاريخ العائلى تشكل السبيل الأمثل للتنبؤ بامكانية حدوث أمراض القلب والشرايين.
الجينات مجرد جانب واحد فى منظومة المخاطر التى يواجهها شخص ما بينما تلعب العادات المرتبطة بأسلوب الحياة مثل التدخين والنظام الغذائى وممارسة التمارين الرياضية دورا أكبر.
دمتم سالمين..